الحلقة السابعة والعشرون - مفهوم الهداية والضلال

-->
يقوم كثير من الضُّلال والفُسّاق والفجار، وكثير من المقصرين في أمر الله وفي التكاليف المتعلقة بالإسلام وطلب العلم فيه والدعوة إليه، يقومون بالإدعاء أن ضلالهم وفسقهم يعود إلى أن الله (جل وعلا) هو الذي لم يقم بهدايتهم، أو أن الله قد رسم خط حياتهم، بأنه لم يجعلهم مهديين بما يكفي، أو أن الله قد جعل هناك حائلا يحول بينهم وبين الأعمال الصالحة، لأنه لم يرد لهم الهداية كغيرهم من الصالحين، ولذلك فإن هؤلاء يدافعون عن ضلالهم وفسقهم أمام الناس، ويقومون بالدعاء لأنفسهم بأن يهديهم الله، والناس بدورهم يقومون بالدعاء لهم أن يهديهم الله،،، وكذا ما يفعله الناس وهم يرون الحاكم وهو يحكم بالكفر البواح، ويتحالف مع الكفار ضد دين الإسلام وشعبه وأهله وأمته، وقد جرف الأمة الإسلامية إلى أسفل السافلين، يقومون بالدعاء له بالهداية، وكأن الله هو الذي أضل الحاكم،، بدلاً من أن يقوموا بالضرب على يد الحاكم ومحاسبته كما أمرهم الله سبحانه وتعالى في كتابه وسنة نبيه، والخروج على حكمه الظالم،، وبذا ينام الناس وقد تدنت سبل عيشهم، وجاعت بطونهم، وضاع دينهم، ولكن قد امتلأت أفواههم بالدعاء للحاكم ولبطانته بالهداية والصلاح، عسى أن ينزل ملك أو سحابة هداية من السماء لأن يهديهم.

بهذه الكيفية يفهم الناس الهداية، التي تحدث عنها الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم، وتحدث عنها رسوله الأمين صلى الله عليه وسلم، وهذا الفهم تماماً هو الفهم المخالف لمفهوم الهداية في الإسلام، وهو فهم باطل، وليس له أساس من الصحة، فما هو المفهوم الصحيح إذن؟

الهداية هي الرشاد، يهدي أي يرشد، وليست الهداية هي سحابة تنزل على أحدهم وتحيطه، فترشده للعمل الصالح وتدفعه عن العمل الفاسد، أو هو وحي أو توجيه من الله بالأمر بأن هذا الرجل يجب أن يكون فاسداً أو ضالاً، والآخر يجب أن يكون صالحاً أو مهدياً، وغيرهما بين هذا وذاك، وكأن الله "جل وعلا" يلعب في مصائر الناس وأحوالهم، وكأنه "جل وعلا" يحب بعض مخلوقاته ويكره بعضها الآخر، فيُضل هذا ليقوم بأفعال الفجور فيعذبه في النار، ويهدي هذا فيقوم بالأعمال الصالحة فيدخله الجنة .

وقد خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان، كلهم خلقاً واحداً، وقدر فيهم كلهم هيأة واحدة، وحاجات عضوية واحدة، فيأكل الإنسان ويشرب وينام ويستخرج الطعام، وقدّر فيهم كلهم غرائز محددة لا تختلف من إنسان لآخر، فكانت بالتالي مطالبهم واحدة، وتوجههم لإشباع هذه المطالب واحد، وقد جعل لهم في الأرض ما يشبع كل حاجاتهم العضوية وغرائزهم، وجعل لهم في أنفسهم ما يحميهم من بأس بعضهم، وهم يعملون على إشباعها، فبدأ هدايته لهم بأن هداهم النجدين، أي هداهم إلى طريق الخير وطريق الشر من خلال أنفسهم، فجعل كل البشر بالفطرة يتفقون على مقاييس الخير والشر، فكان القتل والزنا والنهب والسلب والاعتداء على حق الغير، والكذب والنصب والاحتيال والخلق القبيح، كل ذلك وغيره عند البشر جميعاً أمر مذموم في كل زمان وكل مكان وعند كل إنسان أو شعب أو أمة.

وكذا جعل كل البشر يتفقون بالفطرة على مقاييس الخير، فالرحمة والصدق والأمانة والكرم والجود والحلم والنصرة والنجدة والغوْث والعوْن، كل تلك الأمور محمودة عند كل البشر كافة في كل مكان، وفي كل زمان، وعند كل الشعوب والأمم.

فكان هذا هو أول الهداية من الله سبحانه وتعالى، والتي لم يبخل بها على أحد، أو استأثر بها لأحد منهم، وسمى البعض هذه الهداية للبشر بالهداية الجبلّيّة.

ثم لما تطورت أحوال الناس، وكثرت مصالحهم، وتنوعت علاقاتهم، وتشعبت طرقاتهم، وتطورت أفكارهم، أرسل الله سبحانه وتعالى هداية مكملة ومتممة للهداية الفطرية التي فطر الناس عليها، فأرسل الله الرسل بكتب منزلة، ترشد الناس وتهديهم طريق الحق والصواب من الأقوال والأفعال، وتَصرفهم عن الطرق التي تؤدي بهم إلى الضلال، فالظلم والفسق والفجور وأكل الحقوق وسفك الدماء وهتك الأعراض، وأرسل أحكاماً تحميهم من أن يستعبدهم أحد من الخلق بأحكام غريبة، ومن أن يفرض عليهم أفكاراً ومقاييس وقناعات تخدم مصالحه، وتستعبد الناس.

وهنا وقد أتم الله رسالاته للناس، آخرها رسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وقد أعطى الناس العقل، وأعطاهم حرية التصرف بين الفعل والترك، وأعطاهم القدرة على التمييز بين الحق والباطل، وأحاطهم بعناية ورعاية منه باطنة، في أنفسهم وأجسادهم وأرواحهم، يكون الله بالتالي قد أتم هدايته للناس كافة، ويكون قد أعذر في كل شيء، فلا يُقال أن الله قد أغفل شيئاً أو قصر في شيء، جل وعلا، أو أن الله قد فرض على بعضهم ضلالاً وعلى الآخرين هدى.

قد يقول أحدهم أن الله قد قال في قرآنه الكريم: إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقراً وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبداً، نعم إن الله قد قال ذلك، أما في شطر الآية الأول فقد قال سبحانه وتعالى: ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها ونسي ما قدمت يداه، إنا جعلنا على قلوبهم أكنة...... إلى أخر الآية، فهداية الله تمت، ولكن بعضهم جحد وأنكر، وبالتالي استحق عقاب الله بزيادته في كفره، فكيف نسأل الله الهداية لمثل هذا إذن؟ بل إن الدعاء بالعقاب لمثل هذا واجب.

وقد يقول أحدهم أن الله قد قال: إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون، ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم، وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم، نقول نعم هو كذلك، فهؤلاء قد كفروا بكل موجبات الهداية التي قدمها الله لهم، فاستحقوا بذلك عقاب الله، فأنى لنا إذن بالدعاء لهؤلاء الكافرين بالهداية؟

وقد يقول أحدهم إن الله يقول في القرآن الكريم أنه يضل من يشاء ويهدي من يشاء، وقال في سورة البقرة: ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء؟ فنقول نعم فكما قال الله ذلك فقد بيّن وفسّر في آيات كثيرة أخرى ما قاله سبحانه وتعالى: والله لا يهدي القوم الظالمين، وقال أيضاً: والله لا يهدي القوم الكافرين، وقال كذلك: والله لا يهدي القوم الفاسقين، وبين في آيات أخرى كثيرة، كما في سورة الزمر3 : إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار، وفي سورة غافر28: إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب، إذن فالهداية لا تكون لمن أباها، واتخذ سبيل الضلال والفسق والظلم والكفر.

إن الهداية تعنى الرشاد والتوفيق، فعندما ندعو الله الهداية، ونحن قد اتبعنا سبيل المؤمنين أو نكون قد ابتغينا ذلك، فإننا ندعو الله التوفيق في الأعمال والرشاد في الأفعال، حتى ولو كنا مقصرين في حق الله، أما أن يتبع العبد سبيل الفاسقين أو الظالمين أو الكافرين ويدعو أو ندعو له بالهداية، فإن دعوته أو دعوتنا له في غير محلها، فكأنه أو نحن ندعو الله أن يزيده فيما هو عليه من الفسق والضلال والفساد، وحتى لو دعا العبد الكافر أو الظالم بالهداية، أو دعونا له نحن، فإن الله لا يتقبل هذا، لأن الدعاء في غير محله، وهو دعاء باطل، بل إن محل هذا هو الدعوة إلى الإسلام، وإنكار المنكر، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وليس الدعاء.

فكما قال الله تعالى في سورة النحل 37:
إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل، وما لهم من ناصرين .

وقال في سورة الرعد 27: قل إن الله يضل من يشاء ويهدي إليه من أناب

وقال في سورة الشورى 13: الله يجتبي إليه من يشاء، ويهدي إليه من يُنيب

فعلى المسلم أن يحاسب نفسه على أفعاله كلها، ولا يُرجع أفعاله الاختيارية إلى إرادة الله، ظلماً وعدواناً، ولا يدّعي أن هدايته هي أمر من الله ينزل عليه نزولاً، فيكون الله (جل وعلا) هو المسؤول عن تغيير إرادة العبد الفاسدة، وهو جل وعلا مسؤول عن إصلاحها.

وعلى المسلمين أن يحاسبوا أنفسهم أولاً، والحكام الذين يحكمون بغير ما أنزل الله، ولا يدْعوا لهم بالهداية، فذلك باطل، بل يعملون على إعادة الحكم بما أنزل الله، ويدعون الله عليهم أن يلعنهم الله ويضرب على أيديهم، وأن يعيننا على إزالتهم، وبهذه الكيفية يستقيم الدعاء ويستقيم مفهوم الهداية .

هناك 7 تعليقات:

  1. مشكوووووووووور أخي

    ردحذف
  2. يادكتورمحمد..مالا أفهمه هوا كيف ونحن مسلمين وكسجد واحد وعندما يشتكي عضوا واحد يتداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى..ونحن موصين بأن نرحم بعضنا بعض وأين نحن في هذا المقال من دعاء الرسول لعمه وهو مشرك بالله وعندها الله سبحانه وتعالى قال إنك لاتهدي من أحببت ولاكن الله يهدي من يشاء ولم يأمره وقتها بالدعاء عليه ليكون الأمر وجوبا

    ردحذف
  3. أخي الكريم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    أشكرك على إهتمامك وجعله الله في ميزان حسناتك، وما أجمل من أن يبيت الإنسان وهمه رضى الله سبحانه وتعالى ورضى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وغيرته في أعلى درجاتها على الإسلام.
    ماذا تظن يا أخي أن يفعل الله بعبد أعطاه كل مقومات الهداية بدءا من الفطرة وإنتهاء بإرسال الرسل، وحفظ الرسالات، وغيرها كثير من الفرص المضيئة، وأبى هذا إلا أن يتبع هواه وسبيل الشياطين، كيف تريد إن دعونا له بالهداية أن يهديه الله؟ كيف تريد ذلك؟ أن ينزل على عبده هذا الكافر أو الفاجر أو الفاسق أو الظالم مثلاً سحابة خاصة له من السماء؟ أم ينزّل على هذا الذي أعرض عن سبيل الله وحياً خاصا به من السماء ليهديه كما يُقال؟
    لقد جعل الله لهذا الكون سنة لا تختلف، فالحجر في الأرض لا يرفعه الله لعبده بالدعاء أن يرفعه، والله على ذلك قدير، إلا أن يحني الإنسان ظهره ويلتقط هذا الحجر بيديه، فإن لم تكن له يدين فلن يستطيع رفع الحجر، ولن يرتفع له الحجر إذا دعا الله سبحانه وتعالى قرنا من الزمان، إلا أن يدعي الله أن يسخر له (مما هو في إطار سنة الكون) شخصاً يعينه على رفع الحجر فيرسل الله له أحداً يعينه إستجابة لدعائه، إن قبل الله هذا الدعاء.
    وهكذا كما هو في الهداية، جعلها الله كالحجر الذي يريد الإنسان أن يلتقطه من الأرض، فلو دعينا الله لهذا الرجل ألف ألف مرة ليرفع الله له الحجر من الأرض فلن يرفعه الله له (بإذنه) مما قرره الله من سنة في هذا الكون، وهذا كالهداية، فلن يهدِ الله أحداً لا يريد أن يهتدي هو بنفسه ولم يتبع سبيل الإهتداء ولم يبحث عنه ولم يتخذ الطرق إليه.
    والآية الكريمة التي تقول إنك لا تهدي من أحببت ...، قالها الله سبحانه وتعالى لنبيه ليعلمه ويعلمنا أن الهداية لا تأتي من السماء كالوحي أو كسحابة ممطرة، وإنما هي قرار يقرره الإنسان مع نفسه فيهتدي، وكل ذلك من أوله وآخره يسير تحت مظلة إرادة الله، فلا يحصل في ملك الله إلا ما يريد.
    أما الدعاء على الكافرين أو الظالمين، فلا أقول أنها الأصل في أفعال المسلم أو المؤمن، إنما الأصل هو حمل الدعوة الإسلامية للكافرين والظالمين والفاسقين والمجرمين والفاسدين، بالكيفية التي علمنا الله إياها وعن علم، دعوة يتحقق فيها لفت النظر القوي لمن نحملها إليه، وإذا ما إهتدى أحدهم بحمل الدعوة هذه نكون قد قمنا بما جعله الله من سنة في الأرض، فنبوء بالثواب والأجر ويبوء من يهتدي بدعوتنا هو كذلك بالأجر، ويغفر له الله ما تقدم من ذنبه.
    ولو أراد الله لجعل بني آدم كلهم من الأساس مهديين كالملائكة عليهم السلام، ليس لديهم الخيار بين الفعل والترك

    أخي الكريم : إن مفهوم الهداية ومفهوم الأعمال والدعاء في موضعه الصحيح قد حصل فيه تحريف كثير، للأعداء فيه أغراض كثيرة أهمهاأن نجلس في بيوتنا لا نقوم بتكاليف الدعوة، ولا بتكاليف نصرة المسلمين المعتدى عليهم في أي مكان في العالم، وإنما نكتفي لهم بالدعاء بالهداية والنصر وأن يحقن دماءهم ويسخر لهم من يعالج جراحهم، دون أن نقوم بأي شيء لنصرتهم والدعوة للحرب من أجلهم.

    أخي أرجو من جنابك الكريم أن تعيد قراءة الموضوع مرة أو مرتين أخريين، عسى الله أن يعينك على هذا الأمر.

    أسأل الله لي ولك ولجميع المخلصين لدينه أن ينفعنا بما علمنا ويعلمنا ما ينفعنا ويزيدنا علماً لخدمة الإسلام والمسلمين، ويثبتنا على طاعته، إنه سميع مجيب الدعاء
    أخوك د. محمد سعيد التركي

    ردحذف
  4. وهنا وقد أتم الله رسالاته للناس آخرها رسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وقد أعطاهم العقل، وأعطاهم حرية التصرف بين الفعل والترك، وأعطاهم القدرة على التمييز بين الحق والباطل، وأحاطهم بعناية ورعاية منه باطنة، في أنفسهم وأجسادهم وأرواحهم، يكون الله بالتالي قد أتم هدايته للناس كافة، ويكون قد أعذر في كل شيء، فلا يقال أن الله قد أغفل شيئاً أو قصر في شيء، جل وعلا، أو أن الله قد فرض على بعضهم ضلالاً وعلى الآخرين هدى .

    ----------

    فهمت من هذا الموضوع القيم بأن الدعاء لمن خان الله ورسوله " دعاء باطل " لأنه في غير محله . والأدلة على ذلك كثيرة



    سؤالي هو : من هم الأشخاص اللذين ندعوا لهم بالهداية ؟

    هل هم اللذين خانوا الله والرسول عن جهل ؟ أم الذين لم يدخلوا في الإسلام بعد ؟ أم من بالتحديد ؟



    فقد بينت خطأ الدعاء بالهداية لمن خان الله والرسول ، ولم تذكر الفئة التي يحق لنا أو يتوجب علينا الدعاء لهم بالهداية .



    تحياتي ،،،

    ردحذف
  5. إن الهداية تعنى الرشاد والتوفيق، فعندما ندعو الله الهداية، ونحن قد إتبعنا سبيل المؤمنين أو نكون قد إبتغينا ذلك، فإننا ندعو الله التوفيق في الأعمال والرشاد في الأفعال، حتى ولو كنا مقصرين في حق الله

    أما أن يتبع العبد سبيل الفاسقين أو الظالمين أو الكافرين ويدعو أو ندعو له بالهداية، فإن دعوته أو دعوتنا له في غير محلها

    إذن يا أخي تكون الدعوة للمؤمنين أولى وأصدق، وكذلك للمسلمين (الحقيقيين) الذين يبتغون وجه الله عن صدق وعزيمة، حتى ولو لم يبلغوا درجة الإيمان، أما من أتبع هواه وكان أمره فرطا وهمه الدنيا ولم يبذل في سبيل تعلم الإسلام شيئاً فلا يستحق الدعوة له بالهداية، ولا تظن يوما على الإطلاق أن يخون أحدهم الله ورسوله وهو لا يعلم أو يجهل

    أما الكافرين فلا ندعو لهم بالهداية إنما ندعو الله لأنفسنا والمؤمنين بالهداية حتى يوفقنا لأن نؤدي حق الله فيهم بدعوتهم للإسلام (بالحكمة والموعظة الحسنة وبالسيف)
    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    ردحذف
  6. إذا كان الدعاء للكافر بالهداية في غير محله, فكيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدهو لأهل الطائف وأهل دوس بالهداية حينما عُرض عليه أن يدعو عليهم؟

    الله عز وجل هوالذي يحكم ويخبر من سيهتدي ومن لن يهتدي وليس نحن لأننا لا نعلم الغيب ولا نعمم الآيات, وإلا فلم يكن ليؤمن كافر على وجه الأرض, والواقع يشهد بآلاف الذين يدخلون في دين الله أفواجا

    ردحذف
  7. د. محمد سعيد التركي16 أغسطس 2010 في 4:57 م

    إلى الأخ الكريم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    إن الله قد جعل في الكون سنة لا تختلف و لا تتغير حتى بالدعاء، فهذا أمر الله فيها وقدره.
    ومما جعله الله من سنة الكون أن أعطى بني آدم العقل وحرية الإختيار بين الفعل والترك، وعلى ذلك أرسل الله الرسل ليبين للناس طريق الحق من الضلال، فمن اتبع اهتدى ومن لم يتبع فقد ضل، ووضع الله لذلك الثواب والعقاب، فمن اختار من عند نفسه طريق الحق ولم يكذب ولم يظلم ولم يسرق وغيرها نال الثواب، ومن فعل غير ذلك باختياره نال من الله العقاب في الدنيا أو الآخرة أو في كلاهما.
    فكيف تظن أن تكون الهداية؟ هل يختار الله للهداية قوماً دون قوم؟ أو شخصاً دون شخص فيهديهم ويهديه؟ لو كان الأمر كذلك لأنتفت صفة العدل عن الله جل وعلا
    وكذا لو دعونا الله أن يهدي كل العالم وهم معرضون ورافضون للإسلام؟ هل تظن أن الله سيغير اختيارهم ويقسرهم على الاختيار الذي اختاره الله؟
    لو كان الأمر كذلك لما كانت سنة الكون كالتي نعرفها، ولجعلنا الله كالحيوانات الغير ناطقة مهديين ليس لنا عقل، أو جعلنا كالملائكة المهديين وكفى، ولكن خلق الله الإنسان بسنة معينة وبكيفية معينة لا تختلف لا يالدعاء ولا بغيره.
    أرجو من حضرتك أن تقرأ الحلقة مرة ومرة حتى تثبت الفكرة جيداً، فمفهوم الهداية التي يظنه الناس اليوم فيه خطأ شديد، ومخالف للمفهوم الحقيقي
    أما أهل الطائف فقد أذن الله سبحانه وتعالى بعذابهم ولكن رسولنا الحبيب طلب من الله أن لا يعذبهم عسى أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله، ولا أعلم أن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم دعا يوماً للكفار بالهداية، وإنما علّم المسلمين الدعاء لأنفسهم بالهداية.
    أما إن وجدت في الحديث شيئاً من هذا، أي الدعاء للكفار بالهداية، فهو بالتأكيد لم يرد بكيفية تخالف فيها مفهوم الهداية الذي ورد في القرآن الكريم، كما شرحته في حلقة السلسلة
    أما علم الله المسبق بمن سيهتدي (أي يتخذ طريق الهداية) أو لم ولن يهتد فهذا ثابت لا خلاف فيه
    مع تحياتي

    ردحذف