الحلقة التاسعة والثلاثون - سياسة التعليم في دولة الخللافة (مطلب المسلمين الأعظم)


إن طلب العلم والتعلّم مطلب لكل البشر، وهو يخضع لهوية الدول وأنظمتها وينصبغ بهويتها في جوانب كثيرة متعلقة بالحياة، والنظام يخضع عادة لفكر أو عقيدة الدول، فكل دولة من دول العالم تُخضع شعوبها للتعليم بالنظام الذي ترتضيه، مما يوافق العقيدة التي تحملها هذه الدولة أو تلك، وخاصة في العلوم المتعلقة بوجهة النظر عن الحياة، كاللغة والدين والتربية والعلوم الفلسفية، وعلاقة هذه العلوم ببناء كيان المجتمع بدءاً بالفرد ثم الشعب وانتهاء بالدولة، وعلاقة هذه العلوم بالنهضة التي تسعى لتحقيقها الدول التي تكون عادة مرتبطة بعقيدتها وبتاريخها وحاضرها ومستقبلها، فترسم العقائد في الدول المختلفة للأفراد وللمجتمع ولقوانينها علاقاتهم الثلاث: علاقتهم بإلههم )أياً كان هذا الإله) وعلاقتهم بغيرهم من بني الإنسان (علاقات الأفراد ببعضهم، وعلاقات الشعب ببعضه، وعلاقات الشعب بدولته، وعلاقة الدولة بشعبها، وماهية الأنظمة السياسية التي تُطبق عليهم، الاقتصادية منها والاجتماعية، وعلاقة الدولة بغيرها من الدول)، وعلاقتهم بأنفسهم (فيما يتعلق بالتعامل مع المطعومات والملبوسات والأخلاق الفردية والاجتماعية)، فتتشكل هذه الشعوب وتنصهر بشكل هذه الأفكار والأحكام التي رسمتها لها دولها من خلال وجهة نظرها في الحياة (عقيدتها).

هذا فيما يتعلق بالعلوم المتعلقة بوجهة النظر في الحياة (العقائد)، وهي الأصل في هوية البناء وهوية الدول بمجتمعاتها وأفرادها، أما العلوم الأخرى التجريبية، الطبيعية والزراعية والصناعية والتقنية وغيرها، فهي علوم فنية غير مرتبطة بعقيدة أو فكر عن الحياة، فهذه تأخذ بها الدول والشعوب كافة، وتتشارك في تبادلها، والتعاون في تطويرها، وهي تعتبر مَشَاع لكل البشر، لأنها فنون لا تتعلق بوجهة نظر معينة عن الحياة، إلا بعضاً منها، كفن النحت والتصوير أو فن الرقص وفن الأزياء، أو صناعة الأسلحة الفتاكة العمياء، أو فن العمارة، فقد تأخذ هذه أو تلك كيفية متعلقة بعقيدة معينة تحملها الدولة وتعلمها أبناءها وشعبها، وتسيّر بحسبها سياساتها.

فلو نظرنا إلى التعليم الغربي الذي يحمل وجهة النظر الرأسمالية، (والذي حاولت وتحاول الدول الغربية الاستعمارية تحميله للدول التابعة لها من بلدان العالم الإسلامي) فإن التعليم المتعلق بوجهة النظر في الحياة الرأسمالية قائم على فصل الدين عن الحياة، أي على حرية الاعتقاد، أي على تهميش الدين كاملاً عن جعله مرجعاً لأفعال الإنسان وأقواله وعلاقاته، هذا الواقع يفتح أبواب الحريات على مصراعيها، الحرية الشخصية والحرية الملكية وحرية الرأي، فتنطلق تلك الحريات وتصبح هي المسيّر لأفعال العباد، حتى تسير علاقة الإنسان بخالقه أو علاقته بنفسه وفي كل العلاقات مع بني الإنسان بحسب حرية الإنسان واختياره.
بهذه الكيفية من الحريات والعلاقات تقوم سياسة التربية والتعليم الرأسمالية، في كل العلوم التي تحاكي وجهة النظر في الحياة (الاجتماعية والأدبية والفكرية)، ما عدا العلوم الطبيعية والعلمية والفنون والعلوم التقنية والزراعية وغيرها.

سياسة التعليم في دولة الخلافة:
أما الدولة الإسلامية (دولة الخلافة) فإنها تتبع منهجاً تعليمياً يخدم وجهة نظر الإسلام في الحياة، وهو الإيمان بأن الإنسان مخلوق لخالق وهو الله سبحانه وتعالى، والإيمان بأن القرآن العربيّ اللغة منزلٌ من عند الله، وأن محمداً العربي رسول الله، وأن شريعة الله فوق كل الشرائع، وأن غير عقيدة الإسلام وغير أحكام الإسلام لن تقبل من الإنسان العبد في كل علاقاته الثلاث) مع الله ومع غيره من بني الإنسان ومع نفسه(، وأن المسلمين مكلفين بحمل دعوة الإسلام إلى كل البشر، في كل الأزمان والأماكن، وأن المسلمين يد واحدة على من عاداهم، وأن دم المسلم وماله وعرضه على المسلم حرام، وأن المؤمنين أخوة.

على هذه الأسس العقدية في الإسلام تقوم كل أحكام الأنظمة السياسية، الداخلية والخارجية، وأحكام الأنظمة الاقتصادية والاجتماعية والقضائية والتربوية المستنبطة من القرآن والسنة المطهرة. أما فيما يتعلق بالعلوم التجريبية والعلمية المتعلقة بالنهضة الصناعية والزراعية والتجارية والتقنية وغيرها فنتحدث عنها لاحقاً.

وبالتالي فإستنادا إلى تلك الأسس يقوم نظام التعليم في الدولة الإسلامية من ناحية بناء الشخصية الإسلامية في أبنائها وأفراد مجتمعها (كما بينا في الحلقات السابقة)، وعلى أساسها تتوجه كافة الطرق والوسائل والأساليب التربوية والتعليمية، في مدارسها وجامعاتها ودور العلم فيها.

أما اللغة العربية فهي اللغة التي ستعود بها النهضة الإسلامية إن شاء الله، فاللغة العربية هي روح نهضة الإسلام والمسلمين، وألفاظ القرآن ومدلولات ألفاظه، ومعانيها ومجازاتها، وآداب اللغة والبلاغة في القرآن عربية، فنصوص القرآن عربية ونصوص الحديث الشريف عربية، إذن فإن اللغة العربية وأصولها وعلومها وعلوم القرآن وأصول التفسير والحديث وأصول الفقه والأدب والشعر، دراستهم دراسة عميقة مستنيرة شيء أساسي في التعلم وفي التربية الإسلامية في دولة الإسلام.

أما في الجانب غير العقدي، أي في العلوم التجريبية وغيرها من علوم الزراعة والصناعة والطب والعمارة والاقتصاد والإدارة والسياسة والتجارة والتقنية وغيرهم من العلوم المدنية والعسكرية، فإن الدولة تقوم ببناء أفرادها وأمتها بناء علمياً مكثفاً، وتوظف كل طاقات الأمة الإسلامية برجالها وأموالها وثرواتها وبلدانها الواسعة في شؤون تعليم هذه العلوم، وكذلك تقوم الدولة بتوظيف العلماء ودعمهم والعناية بهم للقيام بالنهضة في جميع الاتجاهات، حتى يتحقق أمر الله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم في الأمة، قوتها وعزتها ومنعتها، ولتسود الأمم الأخرى، فتنشر العدل والرحمة في العالم، وتضع الموازين القسط، لتحل محل القيادة العالمية الإجرامية القائمة اليوم منذ أكثر من قرنين من الزمان.

وهناك من الأساليب التي تحقق أهداف التربية والتعلم المنهجي، المنضبطة بالأنظمة والقوانين، تقوم الدولة الإسلامية (دولة الخلافة) باستخدامها لتنفيذ الأحكام الإسلامية والعلوم التجريبية في التربية والتعليم المنهجي، حيث أنها ليست مقيدة شرعاً بتنفيذ نهضتها بأساليب محددة، وكذلك بالنسبة للوسائل حيث أن لها أن تتخذ من الوسائل ( كمبيوتر، اتصالات وغيره) ما يضمن لها تحقيق هذا التعليم المنهجي.

ويجب أن لا نغفل بأن نظام التعليم وسياسته، وغيره من أنظمة الدولة، تسير جنباً إلى جنب مع الأنظمة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والسياسة الخارجية والسياسة التجارية والإدارية الأخرى، وهي تعمل كلها كمنظومة واحدة تخدم أهدافاً محددة، وغاية واحدة هي نوال رضوان الله.

بهذه الكيفية بإختصار تكون سياسة التعليم في الدولة الإسلامية، وليست هي كما يدعيها الحكام الحاليون الذين يسيرون ويُسيّرون التعليم بكيفية مخالفة لهوى الإسلام وشرعته ويدّعون ذلك ويتبجحون به، ناهيك أن سياسة التعليم لا يمكن أن تسير بدون تطبيق باقي الأنظمة في الدولة من نظام حكم ونظام اقتصادي واجتماعي وسياسة داخلية وخارجية ونظام عقوبات، ونهضة صادقة حرة من تبعية الغرب أو الشرق، فأنظمة الإسلام كلها  مكملة لبعضها ومتممة لأمر الله ولرسوله في الحياة والعلم والتعليم .

قال الله تعالى في سورة النساء 136
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيدًا
وقال الله تعالى في سورة القصص 77
وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ

هناك 12 تعليقًا:

  1. ماشاء الله ما أروع ماقرأت ..

    سلمت يداك أستاذنا الدكتور محمد ..

    جعل الله كل ماتكتبه في موازين حسناتكـ ..

    شكراً جزيلاً لكـ ،،

    ردحذف
  2. د. محمد التركي22 مايو 2009 في 2:06 ص

    سرني مرورك أخي ، وبارك الله فيك ونفعنا الله مما علمنا وزادنا جميعاً علماً يحبه ويرضاه ومغفرة ورحمة

    مع تحياتي

    ردحذف
  3. بسم الله الرحمن الرحمن الرحيم



    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد

    لقد قرأت جزء كبير من سلسلة المعرفة وأعدت قراءة الجزء الخاص بالنظام الاقتصادي في الاسلام ، وفي الحقيقة أستفدت ولله الحمد من المعلومات الواردة في هذا الشأن ، وأني أرجوك رجاء خاص أن تتوسع في هذا المجال الحيوي الهام حتى ولو تفرغت له لمدة سنة كاملة لأن العالم يعيش في تخبط وليس بين أيدينا مراجع نثق في فكرها الا امثال صالح كامل وعلماء البنوك في فتاويهم .

    واني أجدها فرصة لو جعلت الموضوع مستقل في مبحث خاص يصدر مستقبلا في كتاب ، وبالتوفيق انشاءالله



    ولكن عندي بعض الملاحظات البسيطة أرجو أن يتسع صدرك لها وهي من وجهة نظري تصب في مصلحة هذه المعرفة حيث تزيد في قوة مدلولاتها

    الملاحظة الاولى : الاستشهاد

    لكي تبعد طابع الرأي الشخصي في طرح الموضوع عليك أن تسوق للقارئ أدلة وبراهين شرعية من القرآن والسنة وما أتفق عليها علماء الامة الاسلامية الأوائل والحاضرين مايؤكد صحة الفقرة او الموضوع الذي تتحدث عنه بل تحيله للمراجع إذا أمكن .

    الملاحظة الثانية : الفكر الثائر

    لكي تجعل هذه السلسلة ذات طابع فكري إسلامي صادرة من مفكر وباحث اسلامي يريد تنوير الناس وتثقيفهم في امور دنياهم أن تبتعد عن وضع العبارات التالية :



    أ ) (دولة الخلافة) عليك أن تكتفي بعبارة الدولة الاسلامية وان تترك للقارئ او الباحث او المفكر ان يحدد معنى كلمة الدولة الاسلامية وملالولاتها لأن الدولة الاسلامية لها مبحث آخر ليس هنا موضعها ، ثم ان ذكر هذه العبارة سوف يذهب بالهدف الذي تسعى اليه هذه المعرفة وتجعل القارئ يركز فكره في كاتب المعرفة وتوجهاته واهدافه وليس في المعرفة ذاتها وبهذه الطريقة تضيع الفائدة المعرفية على القارئ .



    ب) (عبارات القدح والذم) مثل كلمة الطواغيت ، العصابات ، الاجرام .. الخ من عبارات الشتم حتى وان كانت حقا هي كذلك ، ولكن طالما نحن نتحدث عن بحث علمي عن فكر معرفي يجب أن يتصف البحث العلمي

    - بالرزانة والموضوعية والمرونة الفكرية اي عدم الجزم بالاشياء الا بأدلة قطعية ثابتة الدلالة، والابتعاد عن اي رأي شخصي قدر المستطاع ، بحيث لاتجعل للقارئ الذي قد يكون باحث ومفكر اسلامي فرصة او مجال ان يترك الفكر ويركز على كاتب الفكر ويصطاد في الماء العكر .



    هذا وأسال الله لك مزيد من التوفيق ،،



    أخوك

    د.سعيد

    ردحذف
  4. أخي العزيز السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    أبدأ بالشكر لإهتمامك بشأن هذه السلسلة ولك شخصياً لإعطائك شيئاً من وقتك للملاحظات التي أوردتها، فهي وكل نقد صادق مصباح يضيء الطريق

    كل الملاحظات التي أوردتها أنت لا غبار عليها وكلها تعبر عن منطق علمي سليم بدون شك، إلا أني كل ملاحظاتك القيمة لا قِبل لي بفعل شيء منها وذلك لعدة أسباب كما يلي :
    هذه السلسلة كما تلاحظ أنها ليست عملاً أكاديمياً أو ثقافياً يسعى لتحقيق غرض أكاديمي أو تثقيفي، حتى ولو كانت مؤهلة لذلك بعد إستيفاء الشروط التي ذكرتها أنت، وإنما هي عمل دعوي يجب أن يخاطب العقل والقناعات التي يحملها القاريء فيحمله إلى فكر خيراً مما يحمل وإلى قناعات سليمة تأخذ بناصيته إلى طريق الحق، وتخاطب طريقة تفكيره لتغييرها إلى طريقة تفكير تقوم على أساس عقائدي محدد

    ولربما تكون هذه المنهجية هي التي تفسر وضوح الأفكار التي أوردتها، حيث أنها تجافي المواربة أو الإلتفاف حول الفكرة، وهذا مايحتاج معرفته الناس لتغييرهم، وليس ما تحتاج نفسي كتابته

    أما مسألة الشتيمة ، فلم يرد على الإطلاق أن شتمت أحداً بعينه، أما ما يرد من ألفاظ المجرمين والكفار والطواغيت وغيره، فهذه ليست شتائم وإنما ذكر حال الواقع، كالذي ورد في القرآن الكريم لذكر الطواغيت وغيرهم، بل ذهب القرآن الكريم إلى أكثر من ذلك حيث شبه بعضهم بالحمير أو الكلاب أو غيره

    أما ذكر دولة الخلافة فذلك فعلته بحق وذلك لأن كل الدول اليوم تسمي نفسها إسلامية بكل وقاحة، والدولة الإسلامية إنما هي دولة خلافة كواقعها و كما ورد في أحدايث الرسول صلى الله عليه وسلم

    أما عدم إيراد الأدلة الشرعية لكل فكرة، فهذا ليس عمل سلسلتي هذه، وإنما عمل الكتب والبحوث العلمية والمراجع الفقهية ، ولو أوردتها لأختلف مزاج السلسلة تماما ولخرجت عن الغرض الذي جُعلت من أجله، ولتوسعتُ كثيراً، ولكن لو إحتاج أحدهم معرفة الأدلة وراسلني فسأعطيه حتماً المراجع التي إستندت إليها ويجد فيها ضالته

    أما فيما يتعلق بالحلقات الإقتصادية فلا أجد بأساً من أن يستخلصها أحد لنفسه ويستفيد منها ويفيد غيره بها وقد ذكرت في نهايتها المراجع التي بالإمكان الإعتماد عليها

    أرجو أخي أن لا تحرمنا من دعائك في ظهر الغيب
    مع فائق تحياتي

    أخوك د.محمد التركي

    ردحذف
  5. السلام عليكم يادكتورمحمد:

    عندما اصبحت اقرأ المدونه كل مقال اعيد قراءته أكتشف سؤالا، وأرجو منك الصبر وطولة البال رغم أنها أسئله تفصيليه ولكن لتكتمل الصوره ..وبمناسبة هذا من أجمل العبارات التي تثلج صدري ((دولة الخلافه ))، ارجو ان لاتكف عن هذه العبارات ومدونتنا هذه هي للتجهيز والاستعداد وتوضيح الصوره كيف ستكون وكيف انت وانا وهوا يجب ان نكون ..وليس هي محل للأدله والبراهين والأحاديث الشريفه!!
    أسألتي :
    عندما اتى النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكه وبعد المبايعه للرجال وفي سوق عكاظ وامام الخلائق اعلن بعدها بيعة النساء تحت الشجره..فهاجت قريش ! ولم يكتفي بل وجعلها تبيع وتشتري وتتاجر وتورث وبقي ثلاثة عشر سنه ليغير فكر ومعتقد..
    وهذا ما تفعله المدونه إنشاءالله ..
    هل عند بداية ((دولة الخلافه)) ومبايعة الناس هل سيحترم رأي المرأه وسيأخذ به وستبايع الخليفه؟؟
    هل سيكون بداية بشريحه معينه أو جهه معينه أم ستكون المبايعه فقط لشعب الله المختار الرجال والمحارم والكلينكس كما هوا الحال الأن المجتمع والحكم والحضانه والمصير والنجاح والفشل بيد الرجل اولا واخيرا..
    رغم انها ضلع منه وهو كله منها ..
    أنا كسيده وأم وحره وقلبي سليم إنشاءالله أملي في دولة الخلافه لأنها إنشاءالله ستكون نور الهدى وإزالة الفسق والضلال .

    ردحذف
  6. الأخت الكريمة أم حمزة حفظها الله ورعاها، وبارك فيها وجزاها خيراً على متابعتها وغيرتها ومثابرتها في دروس الحلقات، آمين

    هذه رسالة وصلتني من أخت طبيبة تحمل نفس المعاناة التي تحملها كل إمرأة مسلمة متيقظة ومنتجة ولكنها تجد بإسم الإسلام أشد الضغوطات والحرمان وإنكار وجودها وقيمتها، بل وتهميشها وتهميش دورها، وكأنها عالة على الرجال، وعلى الدولة وعلى الناس
    ولذلك أحببت أن أورد هذه الرسالة التي جاءتني في وقت قبل أن أصدر حلقات النظام الاجتماعي في الإسلام، وأورد جوابي عسى أن يجيب على تساؤلاتك وتساؤلات كل إمرأة غيورة على دينها ونفسها وقيمتها وإنتاجها

    هذه قصص نساء أوروبيات كمقدمة للموضوع يشتهين أن يكنّ مسلمات مع ذكر سبب رغبتهن هذه:

    المرأةالأولى : بريطانية ..

    وكتبت أمنيتها قبل مائة عام !

    قالت الكاتبـة الشهيرة آتي رود - في مقالـة نـُشِرت عام 1901م - :

    لأن يشتغـل بناتنـا في البيوت خوادم أو كالخوادم ، خير وأخفّ بلاءً من اشتغالهن في المعامل حيث تـُصبح البنت ملوثـة

    بأدرانٍ تذهب برونق حياتها إلى الأبد .

    ألا ليت بلادنا كبلاد المسلمين ، فيهـا الحِشمة والعفاف والطهارة ...

    نعم إنه لَعَـارٌ على بلاد الإنجليز أن تجعـل بناتَهـا مثَلاً للرذائل بكثرة مخالطـة الرجال ، فما بالنا لا نسعى وراء مـا يجعل

    البنت تعمل بمـا يُوافـق فطرتها الطبيعيـة من القيـام في البيت ، وتـرك أعمال الرجال للرجال سلامةً لِشَرَفِها .

    والمرأة الثانية: ألمانية ..

    قالت : إنني أرغب البقاء في منزلي ، ولكن طالما أن أعجوبة الاقتصاد الألماني الحديث لم يشمل كل طبقات الشعب ، فإن

    أمراً كهذا ( العودة للمنزل ) مستحيل ويا للأســف !

    نقلت ذلك مجلة الأسبوع الألمانية .

    والمرأة الثالثة: إيطالية ..

    قالت وهي تـُخاطب الدكتور مصطفى السباعي - رحمه الله - :

    إنني أغبط المرأة المسلمة ، وأتمنى أن لو كنت مولودة في بلادكم .

    والمرأة الرابعة: فرنسية ..

    وحدثني بأمنيتها طبيب مسلم يقيم في فرنسا ، وقد حدثني بذلك في شهر رمضان من العام الماضي 1421هـ .

    حيث سأَلـَـتـْـه زميلته في العمل - وهي طبيبة فرنسية نصرانية - سألته عن وضع زوجته المسلمة المحجّبة ! وكيف تقضي

    يومها في البيت ؟ وما هو برنامجها اليومي ؟

    فأجـاب : عندما تستيقض في الصبـاح يتم ترتيب ما يحتاجـه الأولاد للمـدارس ، ثم تنام حتى التاسعـة أو العاشـرة ، ثم

    تنهض لاستكمال ما يحتاجـه البيت من ترتيب وتنظيف ، ثم تـُـعنى بشـؤون البيت المطبخ وتجهيزالطعام .

    فَسَألَـتْهُ : ومَن يُنفق عليها ، وهي لا تعمل ؟!

    قال الطبيب : أنا .

    قالت : ومَن يشتري لها حاجيّاتها ؟

    قال : أنا أشتري لها كلّ ما تـُـريد .

    فـَـسَأَلَتْ بدهشة واستغراب : تشتري لزوجتك كل شيء ؟

    قال: نعم .

    قالت : حتى الذّهَب ؟!!! يعني تشتريه لزوجتك .

    قال : نعم .

    قالت : إن زوجــتـك مَـلِـكـة !!

    وأَقْسَمَ ذلك الطبيب بالله أنهـا عَرَضَتْ عليه أن تـُطلـِّـق زوجها !! وتنفصل عنه ، بشرط أن يتزوّجهـا ، وتترك مهنة الطّب

    !! وتجلس في بيتها كما تجلس المرأة المسلمة !وليس ذلك فحسب ، بل ترضى أن تكون الزوجة الثانية لرجل مسلم بشرط

    تأن تـقـرّ في البيت

    ردحذف
  7. ثم أكملت الدكتورة هالة رسالتها بتعليقها التالي:

    الأخوة الأساتذة و العلماء و الأصدقاء الأفاضل: سلام الله عليكم

    أبدأ تواصلي معكم من جديد على خير بإذن الله بعد مدة غياب لسفري و لذلك أرجو ألا يثير تعليقي هذا ردود فعل شديدة أو يثير شجونا و أحزانا لدي البعض --- و هو رأيي الخاص و يحتمل الخطأ قبل الصواب

    لا أتفق كثيرا مع ما توحي به هذه القصص و الآراء من الأوروبيات -- إذا كانت الحياة العامة و التقاليد و القوانين الأوروبية لا تنصف و لا تحافظ على المرأة و طبيعتها - فهذا ليس معناه أن المثال الموجود في الدول العربية و الذي ينسب إلى الإسلام هو الحل الأمثل و الصورة الجميلة المثالية التي تتمنى أن تعيش فيها المرأة الأوروبية و تحسد عليها المرأة الشرقية المسلمة !!!
    و الأمر الذي يستفزني بشدة هو كيف يمكن اختزال قيمة الرجل و دوره و أثره في الأسرة و المجتمع في انه فقط مورد مادي (بنك تمويل ! ) يستطيع صيانة المرأة و حمايتها من المذلة – طبعا هذا أمر مهم و قوي جدا و شديد - و لكن عذرا – هل هذا هو كل شيء ؟ هل الرجل الذي لا يملك و تضطر زوجته أن تعمل لا يرقى إذا لهذه المكانة التي يريد البعض في الداخل و الخارج أن يعظمها و يجعلها مركزا و تعريفا أساسيا لعلاقة الرجل و المرأة في المجتمعات الإسلامية ؟

    و هل الرجل الذي يملك مالا و يستطيع أن يفتح أكثر من بيت بلغة المصريين و يمكن له الصرف على أكثر من زوجه (يستتهم) و يجلسهم في البيت هل ذلك هو أقصي أحلام المجتمعات الإسلامية ؟ هل هذا هو أقصى ما تتمناه المرأة - شرقية كانت أم غربية ؟ هل هذا هو من الأسباب الجليلة ليكون الرجل رجلا و المرأة امرأة ؟ هل هذا هو الصيانة الأخلاقية للمجتمع ؟

    و لماذا يختزل دور المرأة العظيم في الحياة إلى الأعمال المنزلية فقط – الدكتورة بنت الشاطئ المفكرة و العالمة الإسلامية الكبيرة و التي كانت أديبة أيضا كانت تعمل من مكتبها في بيتها و لديها بالمنزل من يقومون بالنظافة و الطبخ لتتفرغ هي لنشر العلم ، لان هؤلاء الذين كانوا في بيتها يعملون أعمالا منزلية لا يستطيعون كتابة كلمة واحدة من كتب الدكتورة بنت الشاطئ !!! --- و كثير غيرها من النساء سواء عملن داخل البيت أم خارجه سواء انفقن على بيوتهم أم الزوج كان هو المنفق كانوا مثالا حيا للأسرة الإسلامية الناجحة المتميزة و دون تركيز على مين إلى يصرف و مين إلى يطبخ و مين إلى يخرج !! ---

    في تصوري --- أن مثل هذه القصص و الآراء ما هي إلا محاولات دفن الرؤوس في الرمال و تراجع دور الرجل إلى منزلة مورد مادي !! و انسحابه من كونه الموجه الأول و القائد الاجتماعي الذي بصلاحه و علمه و خلقه - حتى في انعدام المال - يستطيع أن يصلح أمة كاملة و يصون أمم من النساء و يقود كتائب العمل --- يكفينا الآن تركيز على هذه القشور لان المجتمعات الإسلامية في خطر --
    القاعدة العامة كما أفهمها أن الرجل رجلا بفضله الخلقي و العلمي و دوره القيادي و الإصلاحي في المجتمع، و احترامه و تقديره ثابت لدى المجتمع و أهل بيته حتى لو لم يكن لديه مال أو منصب ، و حتى لو كانت زوجته هي صاحبه المال و لديها أعلى الشهادات العلمية

    و المرأة مرآة بما وهبها الله تعالى من قدرات مختلفة تكمل بها دور الرجل و تتفرد بدور آخر لا تستقيم الحياة يدونه --- و احترامها و صيانتها واجبة في كل الأحوال سواء عملت في الداخل أو الخارج ، و كون المجتمعات الغربية - على علو شأنها الاقتصادي و العلمي - مجتمعات منحلة خلقيا و ظالمة للمرأة فهذا لا يجعل البديل الشرقي الموجود حاليا هو الصورة الأمثل، و هو ما هو - و الجميع يعلمه و يعلم ما به من مشكلات جمة تعجز بنود القوانين الشرعية في قانوننا المصري مثلا على حلها.

    و شكرا و اعتذر على الإطالة
    د/ هالة حسني

    ردحذف
  8. جوابي:

    سم الله الرحمن الرحيم
    الأخت الكريمة الدكتورة هالة حفظك الله ورعاك
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    أعرف ما يدور في خاطرك جيداً كإمرأة متعلمة ومنتجة، وتجد ووجدت من الظروف ما يجعلها تكون أكثر إنتاجاً وعطاء، وأعرف بعضهن مثل حضرتك في غاية الذكاء والإنتاج والحركة، ويعدلن في عقولهن وفكرهن وإنتاجهن طوابير من الرجال, ولكن للأسف عندما يحببن سماع الثناء على نجاحهن، يُقَابلن بكم هائل من كلمات الإحباط، وعلى حد قولهم "تكسير المجاديف"، وعندما يُردن أن يسمعن رأي دين الإسلام في حقهن لا يسمعن إلا أحاديث مُحبطة لنشاطاتهن وطموحاتهن، وكأن الإسلام جاء سجناً لهن ولإنتاجهن، ما عدا حديث الزوج والأبناء .
    وفي الحقيقة فإن كل هذه المواقف والآراء الشائعة اليوم ليست متوافقة مع رأي الإسلام وفكره ونظامه في حق المرأة، صحيح أن الله خلق المرأة أنثى وتحمل وتلد وتنجب وتربي، أرادت المرأة بطبيعة خلقها ذلك أم لم ترد، إنتمت لدين الإسلام أم لغيره، فهذه فطرتها، وهي موطن راحتها النفسية وراحتها العقلية، وسارت أحكام الإسلام مع هذه الفطرة الطبيعية للخلق، ولكن في نفس الوقت نظم الإسلام دور الوجبات والحقوق في المسائل المتعلقة بالزوج والأبناء والرضاعة وغيرها مما يحفظ العائلة وكيانها ودور كل فرد فيها، وجعل الله من الأحكام ما يعزز دورها في بيتها، وبين ومع أبنائها فحمّل الرجل زوجاً أم إبناً أم أخاً أم غيره تكاليف رعايتها، لأداء هذا الدور الذي هي تحبه وترغبه وتتمناه وترنو إليه إنطلاقاً من فطرتها وطبيعة خلقها النفسي .
    كل هذه الحقيقة لا ولم تلغي على الإطلاق أدواراً أخرى تستطيع وترغب المرأة أن تؤديها وبدون حدود، بل لم يجعل الله في خلقها نقصاً أو عِوَجاً يجعلها لا تستطيع القيام ببعض الأعمال التي يُظن أن لا يقدر عليها إلا الرجال، فالمرأة قادرة على فعل كل شيء يقدر عليه الرجل، بل قد تتفوق على الرجل بمراحل في بعض الأعمال الإدارية أو العلمية أو غيرها، والأمر متروك لها في أن تمتنع عن القيام بأعمال، أو أن تقوم بأعمال، شأنها شأن الرجل، فليس كل الرجال قادر على كل الأعمال، وليس كل الرجال سواء، في قوة أجسادهم وكفاءتهم وعلمهم وفكرهم وذكائهم، وليس كل النساء سواء، في ذكائهن وقوة فكرهن وعقولهن، وليس كل النساء لا يقدرن على القيام بكل الأعمال التي يقدر عليها الرجال، فربط جنس الذكر والأنثى بالأعمال هو مقياس باطل، وهو قياس يجر إلى سوء تقدير الأمور وإطلاق الأحكام الباطلة في حق المرأة وأيضاً في حق الرجل، ولنا في الصحابة خير مثال: فحسان بن ثابت رضي الله عنه شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقاتل ولم يكن يحب القتال بالسيف أو بغيره أو يقدر عليه، وفي نسيبة الأنصارية رضي الله عنها التي قاتلت ودافعت عن الرسول صلى الله عليه وسلم بالسيف في معركة أحد، وأثخنت بالجراح، خير مثال .
    نظام الإسلام عالج العلاقات، الفرد مع نفسه، ومع غيره من بني الإنسان، وبينه وبين الله سبحانه وتعالى، ففي الحالة الأولى: ألزم المرأة بلباس معين في الحياة العامة والخاصة، وكذا الرجل، وفي الحالة الثانية: ألزم الرجل بواجبات معينة في الحياة الزوجية والحياة العامة وفي غض البصر وحفظ الفرج، وكذا المرأة. وأعطى الله حقوقاً للمرأة، وكذا أعطى للرجل حقوقاً. وفي الحالة الثالثة فرض الله نفس العبادات على كلا الطرفين لا فرق بين الرجل والمرأة، عدا ما يتعلق بالرخص عند المرأة والرجل .
    أما بالنسبة للأعمال والوظائف والنشاطات الخارجية العلمية والإدارية والتجارية وأعمال البحوث وكل الأعمال، فما هو مباح للرجل من الأعمال هو مباح كذلك للمرأة، وما هو محظور على الرجل من الأعمال محظور على المرأة كذلك، وليس إختلاط الرجال بالنساء في الحياة الخاصة هو حلال على الرجل حرام على المرأة، وليس الإختلاط المباح في الحياة العامة هو مباح للرجل محظور على المرأة، وليست الخلوة الشرعية (المحرمة) مباحة للرجل محرمة على المرأة أو بالعكس، وليس غض البصر مباح للرجل محرم على المرأة أو بالعكس.
    ما يجب قوله هنا أن لا فرق بين الرجل والمرأة في نظام الإسلام في كل شيء، ولم يفرق الله بينهما في شيء من ناحية جنسهما، إنما التفريق بين الطرفين هو في الأحكام التي من شأنها ضبط العمليات السلوكية التي تحمي كلا الطرفين من الوقوع في المحرم أو التعرض للمحرم، أو أن تجرح كرامة أحدهما أو عفته، وعمليات أخرى تنظيمية تحمي الكيان العائلي من فرطه، حتى القوامة التي جعلها الله للرجل على المرأة في الحياة الزوجية هي عملية تنظيمية الله أعلم بها، ولم تكن لتكريم الرجل بذكوريته، وتاج مُلك على رأسه، بل الله يعلم أن بعض النساء أكثر قيادية أو إيماناً أو خُلقاً أو علماً من زوجها وخيراً منه، ولكن الله سبحانه وتعالى أعطى التكليف لأحدهما ولم يعطه للآخر، لعلم الله لما هو أصلح للحياة الزوجية والكيان العائلي، وليس تشريفاً أو تكريماً بسبب جنس أحدهما.

    يتبع

    ردحذف
  9. تكملة

    هناك حقيقة يجب إدراكها وهي أن المجتمعات الحالية في بلاد المسلمين هي مجتمعات مسلمة، وليست مجتمعات إسلامية، فالمجتمع الإسلامي هو الذي تكون فيه قوانين الإسلام وأفكاره وأحكامه هي السائدة، والعلاقات القائمة فيه قائمة على أساس الإسلام، وبالتالي تكون فيه مشاعر الرضا والسخط واحدة، وتكون هويته محددة كذلك.
    ومن الخلل في القياس والحكم على الأشياء أن يأتي بعضهم فيقيس على المجتمعات القائمة اليوم على أساس أنها مجتمع إسلامي وذو هوية إسلامية، وعلى أساس أن التركيبة الإجتماعية في المجتمع هي التركيبة التي قررها الله جل وعلا، فيأتي فيقول إن الإسلام قرر أن تكون المرأة في بيتها وبين أبنائها، وتحفظ بيتها وزوجها وليس لها غير ذلك، وعالمها هو في البيت فقط، والرجل يجب أن يكون هو الآلة الكدادة التي تعارك الحياة في الخارج وتكسب المال ليجلبه لبيته وأبنائه, وهو صاحب الأمر والنهي والسلطة في البيت، فيُتصور أن هذه هي الوحدة الإجتماعية المثالية في الإسلام، فتأتي إحداهن من الأوروبيات ممن تفضلتِ بذكرهن فتحلو لها الفكرة ساعتها، فتشعر بمخدر الراحة دب في جسمها، فتتمنى ساعتها أن تكون مسلمة وتُعامل كما وصف أحدهم لها ذلك، فينقل هذا الشخص أو ذاك هذا الحديث إلينا "فخراً بالإسلام" إنطلاقاً من إعجاب هذه أو تلك بهذه الأفكار، ليعزز عند المسلمين الحاليين فكرةً هي في ظاهرها من الإسلام، وباطنها مخالفة لفكر ومفاهيم الإسلام ولنظامه الإجتماعي.
    لو كان الأمر كذلك كما وصفوا ، لما قامت للعالم الإسلامي قائمة، فالمرأة في الحضارة الإسلامية التي كانت قائمة، كانت تقوم بكل الأعمال والوظائف في البيت وفي الشارع وفي ساحات القتال، وتشارك في الإبتكارات وتشارك في الإنتاج، وتشارك في الحياة السياسية، فمن أولئك اللاتي كن مستشارات عند رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم؟ ألم تكن عائشة وأم سلمة وقبلهن أمنا خديجة رضي الله عنهن جميعاً ؟ أولم يكن النساء عند كل خلفاء المسلمين حتى سقوط آخر خليفة عثماني لهن أدوار غيرت مجرى التاريخ ؟
    للأسف أن أخبار كل أو كثير من النساء المسلمات النوابغ في التاريخ قد غُيبت عن المسلمين اليوم بعمد وبغير عمد، وكما غُيب تاريخها فقد غُيب حاضرها، ليست هي فحسب بل غُيب حتى دور الرجل في النهضة، وأصبحنا عالماً مجهول الهوية، ومن الخطأ الحديث اليوم عن مجتمع إسلامي ودور المرأة المسلمة فيه انطلاقا من واقع المسلمين اليوم، لأنه ليس لهذا المجتمع الإسلامي اليوم واقعاً أصلاً.
    وبالتالي فمن الخطأ الدخول في مهاترات مع الغرب، ننهزم بعد هذه المهاترات حتماً (لأن ليس لدينا ما نقدمه فكرياً ولا عملياً)، فنقوم فنستسلم سراً أو علناً لآرائهم التي تقول بمساواة المرأة بالرجل وما شابه هذه الدعوات المعلومة والمجهولة، ويدل على ذلك ما ذهب إليه بعضنا من القول أن المرأة شريكة الرجل في الحياة الزوجية، وهذه الفكرة للأسف هي من صنيع الفكر الغربي ومخالفة للفكر الإسلامي ونظامه .
    فالمرأة في الإسلام ليست شريكة للرجل، وليس عقد الزواج بينهما عقد شراكة "كما يفعل الغرب!"، فالمرأة في عقد الزواج الإسلامي لا تشارك الرجل مالها أو ماله، ولا تشاركه عقلها ولا تشاركه قراراتها، ولا تشاركه دينها، ولا تشاركه في قوامته عليها، وطاعتها له أو طاعته لها، ولا تشاركه ديونه، بل زواج المرأة بالرجل في الإسلام عقد يُعقد أو يُحل وقتما شاء أحد الطرفين ذلك دون تقاسم الممتلكات أو الأولاد أو غيره، وعقد يقوم على حقوق وواجبات متبادلة في الحل والترحال وفي الخير والشر، مقررة بأمر من الله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم والإيمان بإتباع ما أمرا به .

    يتبع

    ردحذف
  10. على أي حال فلنُعدِ النظرة للنظام الإجتماعي في الإسلام، لنعرف بعدها أن المرأة لم تُمنع من الخروج لطلب العلم الشرعي أو غيره من العلوم المباحة، ولم تمنع من العمل والمشاركة في البحوث والإنتاج الزراعي والصناعي والنهضة، وفي الدعوة والقتال وفي كل مجالات الحياة، ولم يوجب عليها الإسلام القعود في البيت لأجل القعود في البيت، أي عبثاً، وإنما كان أمر الله سبحانه وتعالى لها بالجلوس في البيت عندما يكون جلوسها هذا فيه تكاليف يجب أن تقوم بها كرعاية أبنائها أو تربيتهم أو رضاعتهم ، أو القيام على تكاليفهم عند عدم وجود من يعينها على ذلك كخادمة أو ما شابهه، أو تكاليف القيام بحق زوجها، أما أمر جلوسها في البيت لمجرد الجلوس، متزوجة كانت أم مطلقة أم عزباء، ذات أولاد أو بدون، ففيه أحكام وشروط، وهو ليس عاماً بل هو حكم خاص في إطار فردي .
    أعود فأذكّر بأن مجتمعات المسلمين اليوم في حالة إجتماعية مفككة مهزوزة، لا يُقاس عليها على الإطلاق، فلا الرجل يأخذ حقه في النهضة ولا حتى المرأة، وبناء الأسرة الحالي بناء يتعرض لأشد أنواع القسوة السياسية الإجتماعية والإقتصادية، وإلى التغريب الفكري، وإلى سيادة الأعراف المتخلفة بسيادة الرجل كذكر، وكبت دور المرأة كأنثى، فلا سعادة للأنثى المسلمة، لا في بيتها ولا في البلاد بمشاركتها في النهضة .
    بل أذهب بالقول إلى أن المرأة الغربية اليوم هي أكثر سعادة بكثير من المرأة المسلمة (ما عدا الجانب الإجتماعي) التي لا تجد ربما قوت يومها، أو العلم الذي تحتاجه، ولا تجد العمل الذي يسترها، ولا تجد الرعاية الصحية أو غيرها، ولا تشارك في النهضة بعد أن حرمنا أعداؤنا ومن والاهم منها (الإحتلال والإستعمار وغيره) ، ولا تجد الإعتراف بشخصها والإحترام الكافي لها، وقلما تجد الزوج المؤمن الذي يعينها على دينها ودنياها، وإن وجدت فلا تجد الرجل الذي يكفيها حاجتها من السكنى وغيره، وإن وجدت فلا تجد البناء الأسري السليم الذي يشكل أحد فصوص عقد المجتمع الإسلامي السليم الذي يتمنى حينها الغرباء أن يكونوا أحد فصوص عقده .
    ولذلك فالمرأة المسلمة اليوم في بلاد المسلمين غير سعيدة، لا على المستوى الإجتماعي ولا على المستوى الإقتصادي أو السياسي، ولا على أي مستوى من المستويات، بل تعمل دولة كالسعودية على إستصدار الفتاوى لغرض حبس النساء في البيوت، وشلّ نصف أو أكثر المجتمع بهن لحاجة سياسية في نفس يعقوب.
    وقد يدعي بعض النساء الرضا بما هن فيه، ولكنه إدعاء غير حقيقي، لأنه رضا غير إختياري أو يكون ناتجاً عن جهل، أو منطلق من الإجبار والإستسلام للواقع .
    وأصلي وأسلم على سيدنا مولانا الرسول محمد صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه وعلى من اتبع هديه إلى يوم الدين
    أخوكِ / الدكتور محمد التركي

    ردحذف
  11. أخي الفاضل الدكتور محمد الطريقي
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    شكر الله لكم كتابتكم وسعيكم في سبيل إعلاء كلمة الله والتعريف بدينه العظيم وشكر الله لكم اهتمامكم بتبصير المسلمين وتوعيتهم بدينهم.
    أؤكد على فكرة أخي الدكتور سعيد، أرجو تجنب عبارة "الخلافة"، لأن هناك مجموعة من الناس تسمي نفسهم "حزب التحرير الإسلامي"، وفي اعتقادي أنها "منحرفة" عن طريق الإسلام وصراط الله المستقيم، على خلاف ما يوحي به اسمها، وهي تدعو إلى "الخلافة الإسلامية"، فإن شئت سميت ما تدعو إليه وتهدف إلى تحقيقه في العالم الإسلامي باسم: "الخلافة الإسلامية الراشدة" التي هي على منج النبي صلى الله عليه وسلم وعلى نهج السلف الصالح.
    شكر الله لكم وبارك فيكم والله يحفظكم ويرعاك.

    ردحذف
  12. أخي الكريم الدكتور محمد سعيد دباس
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    لقد شرفتني مشاركتك في مدونتي المتواضعة، فبارك الله فيك وبك، وكتب الله عملك الصالح في ميزان حسناتك
    ليس لنا في هده الدنيا إلا العمل الصالح بما يرضي الله سبحانه وتعالى وينفع المؤمنين
    أخي الكريم نظام الخلافة الإسلامي هو شرع من الله ورسوله، وليس هو مجير لحساب أحد الأحزاب الإسلامية أو أحد المفكرين حتى ولو تحدث به ودعا له وعمل من أجله
    بل إني أحترم كل العاملين للإسلام بما يقدر ويستطيع ويبدل، فجزا الله خيراً كل من عمل وضحى وقدم، ولا أجد في قلبي درة غل لأحد منهم، بل أجدهم كلهم على خير إن شاء الله حتى يثبت عندي شيء خلاف عقيدة الإسلام أو شرعه مما يدعون إليه فأتصل بهم وأجادلهم بالحق حتى يتبين وحتى تصلح أمور المسلمين
    ولو حدثتك بموضوعية شديدة وصدق فإني لم أجد عند حزب التحرير شيئا يسوؤهم، بل أني أجدهم أقدر الأحزاب الإسلامية في العالم المؤهلين لقيادة الأمة فكريا وسياسياً وتنظيميا، وبما عندهم من أجندة كاملة ودستور معد لدولة الخلافة مما ليس عند أحدهم على الإطلاق في العالم الإسلامي
    هدا ما عندي من العلم وعالم السر وأخفى أعلم
    وتقبل فائق التحية والإحترام
    أخوك د. محمد سعيد التركي

    ردحذف