إن العبادة بصورتها الشمولية تعني الإتباع، أي أن عبادة الله سبحانه وتعالى
تتحقق في اتباع أوامر الله واجتناب نواهيه كاملة، والإقرار بصلاحيتها دون غيرها من
الأوامر والنواهي، فمن وجّه طاعته وإتباعه لأحد في الأرض، كطاعة الحكام من الملوك
والرؤساء وغيرهم وإتباعهم من دون الله (طاعتهم واتباعهم في الأحكام السياسية أو
الاقتصادية أو الاجتماعية أو القضائية التي هي من عند غير الله، كما هو حاصل الآن
في كل بلدان المسلمين)، أو طاعة أوامر أمريكا أو أوروبا أو الأمم المتحدة
والمنظمات العالمية الأخرى وقراراتها، والقبول بتقسيم بلدان المسلمين، والقبول
بالجنسيات على أساس وطني أو قومي، أو القبول بالخضوع للدول التي تقيمها الدول
الاستعمارية وتفرضها على المسلمين، يكون الإنسان (إن فعل ذلك أو أقره بلسانه أو
بقلبه) قد وجّه عبادته، أي إتباعه لغير الله، حتى ولو صلى وصام .
مفهوم العبادة كما هو في الأصول، لا يُدرّس اليوم في المدارس على الإطلاق،
حتى ولو كانت المدارس تستخدم جملاً تشير إلى المفهوم الحقيقي للعبادة، فهي إما أن
تُدرِّس مفهوم العبادة للدارسين لفظاً لا معنىً، أي يتم تحفيظه خالياً من مفهومه،
أو يُدرس اللفظ محرّفا عن مفهومه الأصلي، أو أن يُدرس اللفظ ويدرس مفهومه بشكله
الصحيح، ولكن كون أن ليس له واقع في التطبيق فهو يفقد أهميته وقيمته لدى الدارس،
فتجد الدارس ينظر إلى هذا اللفظ مجرداً، خالياً من قيمته وأهميته، وغير مكترث
لذكره، فهو لا يحس بتأثيره فيه .
وإن اضطر المدرس أو أحدهم أن يصف للدارسين واقعاً للعبادة أي الإتباع وصفاً
صحيحاً، قام مفترياً على الله ورسوله، قائلاً للدارسين أن دولتنا هي التي تطبق شرع
الله، وأن الحاكم فلان هو ولي الأمر الشرعي، الذي يجب أن يُطاع ويُتبع، لأن طاعته
من طاعة الله (حتى ولو حكم بالكفر)، فيجعل الجميع يوجهون عبادتهم وبالتالي طاعتهم
إلى غير الله، أي لهذا الحاكم أو ذاك.
إن المدارس بكافة مستوياتها في كل بلدان المسلمين، الإبتدائية أو المتقدمة
أو في الجامعات، لا تقوم بتدريس هذا الأصل من الأصول على الإطلاق بمفهومه الصحيح،
بالرغم من أهمية هذا الأصل في تحديد عقيدة المسلم، وفي صبغ هويته، وفي تمييزها عن
غيره.
إن تدريس المفهوم الصحيح والحقيقي للعبادة، يجعل المسلمين يدركون الوُجهة
التي يجب عليهم توجيه عبادتهم أي طاعتهم أي إتباعهم لها، وهي الله سبحانه وتعالى،
وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، وما أمرا به، وبالتالي طاعة من قام على تطبيق
أوامرهما واجتناب نواهيههما، ولجعلهم يدركون أنه يتوجب عليهم الكفر بالحكام
الحاليين، ويدركون أنه يتوجب عليهم مخالفتهم وعدم اتباعهم، ولرأوا أنه يتوجب عليهم
الخروج عليهم، وإيجاد حاكم شرعي حقيقي مكانهم.
ولذلك فإن مفهوم العبادة يُقصره المدرسون على مفهوم واحد فقط، وهو الصلاة
والصيام والحج والزكاة والذكر، وبعض الأخلاق الحسنة، وعلى الصدقات، وعدم عبادة
الأوثان، وما شابه هذه الأحكام.
قصر هذا المفهوم فقط على لفظ العبادة بالطبع يخالف مفهوم العبادة أصلاً
وفرعاً، فيظن المسلم أو طالب العلم أنه يتصف بصفات المسلم الصحيح الحق، وأنه بذلك
يعبد الله حق عبادته، ويظن الوالدان أنهما قد أحسنا وأبليا في تربية أبنائهما أحسن
البلاء، ويظن المدرس الجاهل أنه يقوم بتدريس العبادة للدارسين على أكمل وأحسن وجه،
وهو لا يدري أنه يضلهم ويزيدهم ضلالاً، فيباتون يعبدون غير الله، وهم يحسبون أنهم
يعبدونه، وحسبنا الله ونعم الوكيل .
قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : سورة البقرة 177
ليْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ
وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ
وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ
ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ
وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ
وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء
والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ
الْمُتَّقُونَ
عن ابن عمر - رضي الله عنهما - : أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال:
((بُعِثْتُ بين يَدَيِ السَّاعة بالسَّيف، حتى يُعبَدَ اللهُ وحدَه لا شريك له،
وجُعِلَ رِزْقي تحت ظلِّ رُمْحي، وجُعِلَ الذَّلُّ والصَّغار على مَنْ خالَف أمري،
ومَنْ تَشَبَّهَ بقومٍ فهو منهم))
اللهم لا تأخذنا بما فعل السفهاء منا
ردحذفبسم الله الرحمن الرحيم
ردحذفأولا: لقد أستفدت من هذه الحلقة أن في هاذا الواقع كل شخص يفتقر الى العلم وذلك لسبب ان المدرس الجاهل ينقل جهله الى طلابه ومن ثم الى بناء الطلاب وهكذا ووشكرا جرزيلا لاني اخذت معلومات جديدة
هذا الشيء يعتمد على قوة شخصية المدرس و امانته في التدريس صراحة حدث لي موقف في الصف اول الثانوي حين تم حذف موضوع بسيط من المقرر في مادة الفقه وهو كان عن الحب و البغض في الله وقام المدرس بتحدي هذا القرار و درسنا هذا الدرس بالصورة الصحيحة التي توافق ديننا الحنيف و صراحة كلي فخر بهذه النوعية الامينة في التدريس ولي الكثير ولكن هذا المثال يكفيني مع العلم هذا القرار كان قبل ثلاث سنوات و نصف مع الوضع التي تمر فيه الامة الاسلامية.
ردحذفالسلام عليكم
ردحذفبارك الله فيك وانك حقا ممن قال فيهم رسول الله خيركم من تعلم العلم وعلمه
تم كتابة رد على المقال فلماذا لا ينشر إلا المدح ؟!!
ردحذفلم يصلني أخي الناصح الأمين أي رد أو تعليق على هذا الموضوع وليست كل الردود كما تفضلت فيها المديح، بل مليئة بالنقاشات النافعة، وبعضهم استخدم أسوأ الشتائم في الرد، ولم نحذف رده بل تجد هذه الردود كلها منشورة
ردحذف