الشخصيات الإسلامية هم الفئة المؤمنة من المسلمين اليوم، ونشوؤها هو خلاف ما أنتجه الفكر المنحرف من شخصيات في العالم الإسلامي والتي مررنا على ذكرها، والتي قد سيقت إلى الضلال والانحراف، فليست هذه الفئة ردة فعل لهذا الواقع المظلم، بل وجود هذه الفئة وثباتهم أيام الشر وأيام الضلال، وإقبالهم أيام تولي الناس هو الغريب في الأمر، بل هو الشيء المميز والعظيم، وهو الشيء المبارك الذي أخبرنا به رسول الأمة صلوات الله وسلامه عليه بأن الخير لا يزال في أمته إلى يوم القيامة.
الشخصيات الإسلامية هم المؤمنون من الرجال والنساء الذين ذكرهم الله في أكثر من خمسين موضع وآية في القرآن الكريم، وبين الله سبحانه وتعالى أحوالهم وصفاتهم ووصف أفعالهم وتاريخهم وحاضرهم ومنزلتهم عنده سبحانه وتعالى، وذكر الله حبه لهم وحب رسوله، فقد تميزوا عن باقي خلقه بالإيمان الصادق والإخلاص الخالص والإتباع المطلق والعمل الصالح، فاستحقوا وعد الله لهم بالدفاع عنهم والحماية لهم والنصر في الدنيا وخير الجنان في الآخرة، وهم الذين هاجروا مع الرسول صلى الله عليه وسلم، وهم الذين نصروه، وجاهدوا معه، وهم الذين صحبوه وحملوا دين الإسلام من بعده ونشروه وجاهدوا في سبيل الله فقاتلوا وقتلوا وابتلوا في أموالهم ودمائهم وأهليهم، وهم الذين آمنوا مع الأنبياء والرسل السابقين وجاهدوا معهم وهاجروا ونصروا الرسل وقاتلوا معهم.
لقد كان المؤمنون بإيمانهم وما زالوا اليوم كما هم من قبل فئةً تتصف بالنشوزِ بإيمانهم عن باقي الناس وبالجنون أو التطرف أو الأصولية أو الرجعية كما يسميهم أعداؤهم، كنشوز الرسول صلوات الله وسلامه عليه وصحابته الكرام رضي الله عنهم في مكة عن باقي العرب والعجم.
ومن الطبيعي حتماً أن هذه الفئة المؤمنة لم تأخذ علمها من المدارس أو الجامعات الإسلامية القائمة الآن، التي تقدم ثقافة ولا تقدم علماً، أو تقدم علماً ولكن لا تتيح مجادلة أمره في التطبيق الواقعي، وتضطر أن تكذب وتزيف للدارسين صورة غير صحيحة للإسلام والواقع، كما يهوى الحكام.
لقد أخذت هذه الفئة درسها وعلمها بمجهود شخصي، على أيدي علماء ربانيين سبقوهم في العلم والإيمان، فدخلوا في الإسلام والإيمان دخولاً صحيحاً بأصوله وفروعه، كما أنزلها الله سبحانه وتعالى على سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه، وكما آمن بالرسالة السابقون والمسلمون الأوائل رضي الله عنهم أجمعين.
لقد ارتضت هذه الفئة في هذا الزمان الغابر أن يتحملوا الابتلاءات المصاحبة للإيمان الحق كالذين سبقوهم في الإيمان. وفرض عليهم إيمانهم طاعة الله وعبادته والولاء له ولحكمه دون غيره، فإيمانهم بالله يأمرهم بالكفر بالأنظمة القائمة في العالم الإسلامي كونها قائمة وسائرة بخلاف ما أمر به الله ورسوله محمد صلوات الله وسلامه عليه، وبخلاف ما جاء في عقيدة الإسلام ونظامه.
من هنا انطلق نشوز هذه الفئة المؤمنة في نظر الحكام، وتميزها عن باقي المسلمين في العالم أجمع، ومن هنا جاءت بلاءاتُها وجاء اصطدامُها مع الواقع في كل جانب، إبتداءً بالحكومات القائمة، مروراً بمن يواليهم من شياطين الجن والإنس، وانتهاءً بالمجتمعات المسلمة "المُضللة" بأفكارها ومقاييسها وقناعاتها، وما تولد عنها من عادات وتقاليد وأعراف غير إسلامية، والتي تعيش هذه الفئة في وسطها.
لقد أدى إيمان هذه الفئة المؤمنة القليلة إلى تعرضها لفتن كثيرة بالاعتقال والسجن والتعذيب من الحكام القائمين، وإلى تعرضهم للفتن في أموالهم وأبنائهم، وإلى تعرضهم للتضييق عليهم في معايشهم وأعمالهم وأحوالهم المدنية، وإلى إلصاق التّهم الباطلة بهم، أو إلى وصفهم بالمجانين أو الضالين أو المنشقين أو المتطرفين.
الشخصيات الإسلامية كغيرهم ممن سبقوهم بالإيمان آيات تسير بين الناس بعلمهم وإيمانهم وصبرهم، وهم يتصفون بالفكر العميق المستنير وبالعلم والإيمان، ويتصفون بالإخلاص لله سبحانه وتعالى ولدين الإسلام، وقد باعوا أنفسهم لله في سبيل دعوة الإسلام، وامتازت طريقة عيشهم بمقياس الحلال والحرام ونبذ ما دون ذلك، فهم يعيشون بنفسية تتوافق تماماً مع عقلية الإيمان بالله ورسوله ورسالة الإسلام، فلا ترضى هذه الشخصيات إلا ما يرضي الله، ولا تنفر إلا مما يغضب الله، فينقادون بالإسلام أينما حلوا أو نزلوا، يرون الحق فيتبعونه، ويرون الباطل فيرفضونه، يسيرون بنور الله وعلمه وأمره ونهيه، لا تلهيهم الدنيا ومتعها ولا يقيمون لها وزناً، يتآخون مع غيرهم بعقيدة الإسلام ونظامه، وليس بعقيدة الوطنية أو القومية والجنسيات المزيفة، وهم الذين لم ينساقوا مع حيل المرابحات والمساهمات المالية الرأسمالية أو الربوية التي تجريها الأنظمة الحاكمة على الناس، فيُقدمون على الحلال وقتما يصد الناس، ويصدون عن الحرام وقتما ينقاد الناس إليه.
الشخصيات الإسلامية هداهم الله بإيمانهم فهم أصحاب وعي ودراية، فلا تنطلي عليهم حيل الاستسلام للعدو والسلام معه، ولا حيل تقارب الأديان، ولا حيل تحريف أصول الإسلام وقواعده لتسير مع هوى الحكام والمستعمرين والخائنين.
وبالرغم من هذا التميز فهم لا يتميزون عن باقي الناس في ملبسهم أو مظهرهم، كما تفعل الشخصيات المتدينة التي تحدثنا عنها آنفاً، ولا تجد في أحاديثهم شيئاً من اللهو المشاع أو اللغو المتبع، أو الدعاوى الباطلة، أو الحكم السفيه على الأشياء بمقاييس المنفعة والمصالح. لا تجد عندهم ما تجده عند الناس من التفاخر بالأحساب أو الأنساب أو التفاخر بالأموال أو الأملاك والتظاهر بها بينهم، بل يتميزون بلين الجانب ولطف المعشر، وحسن الكلام، وأدب الأخلاق، والوعد والعهد الصادق مع الناس، والالتزام بالكلمة في التعاملات والعهود والعقود، عدا ما نجده عندهم من النجدة والكرم والغوث والصبر والحلم على الناس، وفوق هذا كله فهم لا يدّعون العلم أو الإيمان الخالص.
دعوى هذه الفئة :
هذه الفئة عندما نشأت آلت على نفسها الإخلاص لله ولرسوله وللدين الذين نزل، وإلى العمل الجاد المخلص لإعادة الحكم بما أنزل الله، في واقع الحياة في صورته الأصلية، التي سارت عليها الدولة الإسلامية اثنا عشر قرن من الزمان، منذ أيام سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه والخلفاء الراشدين من بعده رضوان الله عليهم، وجندوا أنفسهم لهذا الأمر بالرغم من تكاليف هذه الدعوة والمحاربة الصريحة لها وخطورتها عليهم من الشرق والغرب الذي استباح البلدان الإسلامية واستباح ثرواتها ووقف دون نهضتها وعزتها وكرامتها وقذف بشبابها في السجون أو أخذهم عنده يخدمونه.
فمصائب المسلمين كافة إنما هي ناجمة عن ضياع رأس الأمر في دينهم، وهو الحكم بما أنزل الله وما تقتضيه الشهادتان، وأصبح غير الإسلام هو السائد في حياتهم، وأصبح الإسلام عندهم مجرد فلسفة خيالية موجودة في باطن الكتب لا يمكن تطبيقه ولا النهضة به.
لقد ادّعت كل الأنظمة اليوم أنها تحكم بالإسلام كذباً وزورا وبات العمل على إعادة الحكم بما أنزل الله ضرورة في حسابات المؤمنين الصادقين في صورة الخلافة الراشدة الموعودة في القرآن الكريم وعلى لسان رسول الأمة محمد صلوات الله وسلامه عليه، وضرورة للمّ شمل المسلمين تحت راية دولة واحدة، حدودها من أقصى المشرق إلى أقصى المغرب.
هؤلاء هم الشخصيات الإسلامية، وهؤلاء بالرغم من عدم حملهم للسلاح، هم من تحذّر منهم أمريكا وأوروبا وغيرهم، وهم الهدف الذي يصوّبون عليهم رماحهم وفُوهات مدافعهم، وهم الهدف الذي رسموه لعملائهم الحكام بحربهم والنيل منهم، تحت مسمى حرب المتطرفين الأصوليين وأصحاب الإرهاب الفكري.
الشخصيات الإسلامية حقيقة هم النقاط المضيئة في العالم الإسلامي، وهم حماة الأمة الإسلامية، وهم الذُوّاد عن دينها وشريعتها، وهم من سيقودها إن شاء الله عندما يفتح الله على الأمة الإسلامية وينصرها فينجلي الغمام عنها، فتقوم الأمة بنصرتهم والوقوف إلى جانبهم كما نصر الأنصار رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة، فأقام الدولة الإسلامية وجعلها نوراً يُهتدى به في العالم أجمع.
قال الله تعالى في سورة النور 55 :
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ
وقال تعالى في سورة الممتحنة 2 :
إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" تكون النبوة فيكم ما شاء الله ان تكون ثم يرفعها اذا شاء ان يرفعها, ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون فيكم ما شاء الله ان تكون ثم يرفعها اذا شاء ان يرفعها, ثم تكون ملكا عضوضا فيكون ما شاء الله ان يكون ثم يرفعها اذا شاء ان يرفعها, ثم تكون ملكا جبرية فتكون فيكم ما شاء الله ان تكون ثم يرفعها اذا شاء ان يرفعها, ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ,ثم سكت." رواه احمد في مسند
عندما يجد الأنسان نفسه رغم دعائه وتدينه وتمسكه بدينه إلا انه يشعر بنقص دائم وعلى الدوام، يدعو الله فيزداد بلاء ويصلي فيزداد قربا من الفواحش والفتن فيعرف انه على طريق الضلال، فهو فطريا يبحث ويبحث عن الطريق الصحيح ولا يفكر وقتها في إعتناق مذهب أو حتى دين جديد سليم صحيح خالي من الشوائب والاخطاء والزلات وخالي من علماء السلاطين، وعندما يجد ضالته والطريق الذي يرضيه ويملأ قلبه وروحه وتتحرك له المشاعر والاحاسيس وتذرف الدموع على ضياع يوم واحد وانت خارج هذا الطريق وتشعر وقتها بقول سيدنا محمد صلوات الله ورضوانه عيه (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا )وكانت دائما الشكوك والتساؤلات تخالجني ,كيف رسول الرحمه المهداة أكمله وأتمه وانا أشعر بالنقص فيه تاره، وبالظلم تاره أخرى إلى ان تأكدت أني لا أعتنق الدين الذي قصده محمد صلى الله عليه وسلم بل هو دين ثاني لايشبهه لا في الشكل ولافي المضمون فقط بالأسم ....
ردحذفاللهم لاتأخذنا بما فعل السفهاء منا