الحلقة الثامنة والثلاثون - النظام الإقتصادي في الإسلام


أفكار عامة في الاقتصاد والنظام الاقتصادي

الإقتصاد والنظام الإقتصادي :
أؤكد على حقيقة أن النظام الإقتصادي لأي مبدأ شيء، وأن علم الإقتصاد بعمومه شيء آخر، وهو علم كغيره من العلوم أو الفنون التي بالإمكان إستخدامها في إطار المبدأ الرأسمالي أو غيره، وبالإمكان إستخدامه في الخير تحت مظلة نظام الإسلام، فالعبرة بالنظام وليس بعلم الإقتصاد، وعلى ذلك فإنه لا يوجد ما يسمونه بالإقتصاد الإسلامي أو الإقتصاد الرأسمالي.

التجارة المحلية والعالمية:
أحكام الإسلام في التجارة المحلية والعالمية للتجارة مخالفة أصلاً وفرعاً لأحكام التجارة القائمة اليوم والتي تقوم على وجهة النظر الرأسمالية، فلا يقوم شيء منها على أحكام الإسلام مطلقاً، فكل سياسات التجارة وأحكامها المفروضة على العالم أجمع تصب في مصلحة الدول الكبرى المحتلة لبلدان المسلمين وبلدان العالم الثالث (كما يسمونها).
احكام التجارة إذا خضعت بعمومها لأحكام الإسلام تغيرت، وتتغير معها العلاقات التجارية وتعاملاتها وعلاقات الناس والدول بها.
تفرض سياسة التجارة الخارجية العالمية القائمة اليوم على بلدان المسلمين سياسات متعلقة بالتجارة، مثل حرية المبادلات التجارية الزراعية منها والصناعية (أي فرض المبادلات التجارية على الدول وفرض إزالة كل الحواجز التي تواجه الإستيراد)، أو تفرض سياسة الحماية التجارية (أي وضع القيود على الدول في صادراتها ووارداتها وجعلها تفرض رسوما جمركية عليها تتناسب مع هذه القيود)، أو تفرض عليهم سياسة الإقتصاد القومي (مما يعني وضع القيود على التبادلات الزراعية والصناعية للدولة مع الخارج)، كل هذه السياسات فيها استباحة لسيادة الدول العربية وغيرها من دول العالم الثالث وقهر لإرادتها واستباحة لأسواقها وتعطيل وتدمير لمنتوجاتها المحلية وإيقاف لنهضتها الزراعية والصناعية ونشر الفقر فيها والبطالة، وضياع الثروات الفكرية والعلمية في البلاد وغير ذلك من المصائب كثير، تجعلها رهينة للغرب والشرق، هذه السياسات بداهة مخالفة لنظام الإسلام لما فيها من مخالفة لسيادة الدول وقوانين التجارة الداخلية والخارجية الإسلامية.

الشركات في النظام الإقتصادي الإسلامي والرأسمالي :
الشركات في الإسلام:
عملية إشتراك رؤوس الأموال والأشخاص في الأعمال التجارية عمل ضروري ومهم لحياة الإنسان، وقد أقر الشرع الإسلامي هذا الفعل لبني الإنسان، وأشمل الفقه الإسلامي هذه الشركة (شركة العقود) في خمسة أنواع، وبين الشروط الواجب توفرها في هذه الشركات، وهي شركة العنان وشركة الأبدان وشركة المضاربة وشركة الوجوه وشركة المفاوضة، دون غيرها .
وتعتمد هذه الشركات في الإسلام كلها على حضور المال والبدن، حضوراً مؤثراً إلى درجة امتناع حصولها إذا لم يتحقق حضور المال وصاحب المال بعينه في الشركة، وإلى حضور شركاء البدن بأعينهم، وإلى حصول الإيجاب والقبول المباشر مشافهة أو كتابة للإتفاق على هذه الشركة، وإلى إنتفاء هذه الشركة بموت الشريك البدن أو جنونه أو الحجر عليه، أو صاحب المال أو غيابه، وتعتمد هذه الشركة كذلك على تعيين العمل الذي حصلت في ظله الشركة، وأن يكون عملاً مباحاً غير محرم، وإلى جعل الشركاء أعضاء حاضرين وفاعلين في إدارة العمل الذي حصلت من أجله الشركة، حيث يكون لهم على وجه العموم حق التصرف في المال والأعمال التجارية ومباشرتها، وحق التصرف في رأس المال وفي إدارة العمل والمحاسبة عليه، هذه هي الشركة في الإسلام والتي لم تعد الأصل في عالم التجارة والأعمال في العالم الإسلامي، ولم يعد هناك من يحكم ويقاضي بها، وهي التي لا تجد من يعينها أو يعين قيامها ويعمل على جعلها الأساس الذي تقوم عليه التعاملات المالية فيما يتعلق بالشركات.
الشركات الرأسمالية:
لقد فُتحت الأبواب وشُرّعت للشركات الرأسمالية في العالم الإسلامي وجُعلت هي الأساس الذي تقوم عليه عقود الشركات، فكان على رأس هذه الشركات (المالية) الشركات المساهمة (التي عن طريقها أستنفدت أموال الشعوب بغير حق من قبل سماسرة وتجار الأسهم الكبار)، وما يسمى بالشركة التضامنية وشركات التوصية البسيطة، ومؤسسات مالية أخرى كشركات التأمين والجمعيات التعاونية، ونتجاوز هنا عن ذكر البنوك هنا فهي لها دستور خاص متعلق بالكيان الإقتصادي الرأسمالي كاملاً وفي الهيمنة على الأموال واستغلالها واستثمارها في بلدن العالم، ولذلك يسبق عليها حين التحدث عن البنوك تسمية "النظام البنكي"دون مسمى "البنك".
هذه الشركات الرأسمالية كلها تخالف في أصلها وفرعها شروط الشركة في الإسلام وقواعده التي ذكرناها آنفاً، وهي كلها  في نظر الإسلام باطلة، وفرعها بالتالي كذلك باطلاً، رغماً عن ما تجده من علماء السوء في البلاد الإسلامية من إباحتها والترويج والتبرير لوجودها.

نظام النقد :
نظام النقد في الدولة الإسلامية (دولة الخلافة) هو الذهب والفضة، إنطلاقاً من الحكم الشرعي، وهكذا كان، حتى تم سقوط الخلافة العثمانية في عام 1924 م، أي بعد الحرب العالمية الأولى، ثم بدأت الدول الإستعمارية بحرب بعضها البعض إقتصادياً عن طريق إحتجاز الذهب والفضة عندهم وإستصدار عملات ورقية مكانها لتتحكم بالسوق المالية الدولية وتهيمن عليها، حتى تحول نظام النقد العالمي من الذهب والفضة رسمياً منذ العام 1971م إلى العملة الورقية بعد أن أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية فك إرتباط الدولار بالذهب، بخلاف ما كان متفق عليه عالمياً في عام 1946م (مؤتمر بريتون وودز).
لقد كان معدني الذهب والفضة هما النقد المعتمد في كل العالم، وكانا موضع التعامل التجاري والتداول النقدي، فكان الذهب أو الفضة لا يحتبسان عند شعب ما أو دولة ما، وكان التجار لا يتخوفون على تجاراتهم الخارجية وتوسعها من إختلاف سعر الصرف للعملات ومن عدم ثباتها، وكانت الدول لا تستطيع أن تتلاعب بمُقدّرات شعوبها كما تفعله اليوم وتستصدر عملات ورقية زائفة، ليس لها غطاء من الذهب، فتهلك الشعوب بهبوط سعر عملتها وإرتفاع أسعار البضائع والخدمات، وكانت الدول لا تضطر لمراقبة حركة الذهب من وإلى دولها وتخاف التهريب لثروتها الذهبية، فهناك ذهب داخل وهناك غيره خارج بمقدار الحركة التجارية والنشاط الزراعي والصناعي المتبادل غير المقيد، وغير ذلك كثير.
لقد تمكنت الدول الإستعمارية بالهيمنة على الدول التي تسيطر عليها اقتصاديا، فانشأوا لهذا الغرض ما يسمى بـ "البنك الدولي"، "وصندوق النقد الدولي"، وقاموا من خلالهما بإدارة أمور النقد في العالم بحيث تبقى الأمور كلها تصب في مصلحة نقد الدول الإستعمارية، والتأثير على إقتصاديات الدول الأخرى المستعمَرَة.
نكتفي بهذه الحلقات من السلسلة للحديث عن النظام الإقتصادي الإسلامي، وللإستزادة والتوسع مراجعة كتاب النظام الإقتصادي في الإسلام .
قال الله تعالى في سورة النساء 27
وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا
وقال الله تعالى في سورة الأنعام 116
وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ
وقال الله تعالى في سورة الأعراف 157
الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ

هناك 6 تعليقات:

  1. السلام عليك يادكتورمحمد:ارجو ان تسمح لي بقولي انك لاتستطيع الاكتفاء لهذا الحد عن النظام الاقتصادي لأنك قد ذكرت انك ستوضح النظام البنكي لاحقا وانا انتظر هاذا التوضيح بشغف وشكرا.

    ردحذف
  2. المهندس:موسى عبد الشكور الخليل بيت المقدس25 يوليو 2010 في 3:31 م

    تأكيداً على ما ورد في حلقات السياسة الإقتصادية في الإسلام أورد جزءاً من موضوع المال العام بيد الحكام لا بيد العامة:
    http://pulpit.alwatanvoice.com/content-196884.html

    بسم الله الرحمن الرحيم
    هذا ما سار عليه المسلمون سابقا اما سياسه الدول القائمه في العالم السلامي فهي تقوم على استغلال وسرقه الانظمه للمال العام وتجعل موظفيها يفكرون في قضايا مثل الرشوة والسرقة والتزوير ونحو ذلك إما لإنخفاض الأجور والظلم حتى اصبح منتشراً بين موظفي الدوائر الحكومية التسابق لسرقه المال العام فالصحف مليئه بقضايا اختلاس ورشوة بمبالغ كبيرة جدا وتحويل أموال إلى البنوك في الخارج ويكفينا ما روي أن عمر بن الخطاب لما رأى الأموال الكثيرة المنقولة من الأقاليم بين يديه، قال: (إن قوماً أدوا الأمانة في هذا لأمناء، فقال له بعض الحاضرين: إنك أديت الأمانة إلى الله تعالى فأدوا إليك الأمانة، ولو رتعت لرتعوا). وأما في مجال التصرف بالأموال العامه واموال الدوله وجمعها وصرفها فلا يُعلم أحد أجرم من حكام المسلمين اليوم وسوف يشهد التاريخ انهم ضيعوا على أمة الإسلام أكبر ثروة مالية مرت في تاريخها، وأنه تخوّض في مال الله، وصرفه بغير حقه على انفسهم وعلى قرابتهم وعلى زبانيتهم حيث يتميز الآلاف من أبناء الأسرة الحاكمة عن عامة الناس في استغلال المال العام وتمتعهم بكل الحقوق، وإعفائهم من كل الواجبات، وحصانتهم ضد القضاء، وإطلاق يدهم في إهانة الناس وأكل أموالهم وهتك أعراضهم، بل وحتى قتلهم وإزهاق أرواحهم، إلى أن يصل الحال بالإنسان إلى مستوى الرق والعبودية، كما هو حال بعض العمال المستقدمين من بلاد المسلمين.وصرفت الاموال العامه حتى تحول واقع الدولة من فائض بمئة وخمسين مليار دولار في السعوديه مثلا إلى ديون ومستحقات بمئة وخمسين مليار دولار، بينما قدّرت ممتلكات الأسرة في الخارج بما لا يقل عن خمسمائة مليار دولار وهذا المال مصدره المال العام وهو النفط وغيره في الجزيره الذي هو ملك لجميع المسلمين، وقد تحولت الدوله إلى شركة مساهمة تملكها عائلة اقتسمت الإمارة فيما بينها حتى تم توظيف المقربين وأكثرهم جريمة وخيانة ليوضع في المناصب الحساسة سواء كانت مالية أو عسكرية أو سياسية أو استخباراتية ويكون هؤلاء جميعاً معصومين من كل أشكال المحاسبة، ولديهم كل الحصانة ضد أي مساءلة،وقد مارس الحكام شتى أنواع الفساد والإسراف وتبذير ثروة الامه بعد ان كانت يصرف في صالح المسلمين والجهاد في سبيل الله فحكام اليوم يصرفون الاموال كما يلي:
    1. شراء الممتلكات والتطاول بالبنيان لأنها أسهل وأضمن وسيلة لادخار الأموال والثروة. حيث بُنيت الابراج والقصور والجزر في منتصف الخليج العربي، فمثلا قصر الناصرية في بلاد الحرمين كلّف 10ملايين جينه استرليني قصر الطائف كلف 130 مليون ريال أما قصر الشيبة بمنطقة العدل بأعالي مكة كلف 120 مليون ريال أما قصر الرويس بحده فقد كلف 300 مليون ريال وبالإضافة إلى ذلك فإن لهم قصوراً في بيروت وأمريكا وسويسرا
    2. الاستستثمار في الدول الاجنبيه وانشاء فنادق والمنتجعات وأقامه المتاحف على غرار متحف اللوفر Louvre والمتاحف العالمية مثل امتلاك شركة دبي العالمية فندقا وناديا للقمار، ضمن مشروع "سيتي سنتر" الذي يكلف 8.7 مليار دولار في مدينة لاس فيغاس الأمريكية وتمتلك شركه دبي خمسين بالمائه منه
    3. إبرام صفقات التسلح الخيالية التي ينتهي الامر بها للخرده والتلف
    4. إنشا شواطئ. العامة والخاصة أو حمامات السباحة لتقليد الحياة الغربية
    5. مصروفات الوجود العسكري الأجنبي " القواعد العسكريه.
    6. الامتيازات التي تمنح للشركات الاستثمار الأميركية. لنهب الأموال والاستثمارات الخليجية في الدول الأجنبية
    7. انفاق ملايين الدولارت على الحفلات وشراء الخيل والكلاب والاسود والنمور والصقور
    8. مصروفات على وظائف وهميه فمثلا احد ابناء الملك ياخذ مرتباً شهرياً قدره 100.000 جنيه استرليني
    9. الاعطيات إلِى صغارهم فالابن الصغير " عبد العزيز بن فهد يعتبر اغنى طفل في العالم إذ تقدر أمواله وأرصدته عام 1987م بـ 1600 مليون دولار
    10. الهدايا بدون حساب فقد دفع مبلغاً مقداره "450960" دولار كهدية لزوجة ريجان إضافة إلى هدية بمبلغ 200.000 دولار إلى وصيفتها وموظفي المطاعم بالمنح التي كانت يهبها مثل ساعات الذهب التى كان يلبسها جميع الجرسونات وتصرف لهم رواتب خيالية علاوة على مصارف أخرى لإدارة قصورهم وسياراتهم وطائراتهم الخاصة
    11. صرف مبلالغ خياليه على الحفلات فقد صرف مبلغ 23 مليون دينار كويتي تحت بند ضيافة وحفلات وهدايا ورحلات
    12. دعم المؤسسات الاجنبيه مثل دعم قطر لشركه فولكسفاجن الالمانيه للسيارات بمبلغ 7 مليارات دولار
    13. تصرف من اموال تحت عناوين شتى مثل الخدمات الاجتماعيه؟


    يتبع

    ردحذف
  3. المهندس:موسى عبد الشكور الخليل بيت المقدس25 يوليو 2010 في 3:36 م

    14. دون تحديد كيف صرف له من الأشخاص الطبيعيين او المعنويين او الشركات والمؤسسات وتحديد أسمائهم وصفاتهم وأسماء الشركاء او ملاك الشركة وعلى اي أساس تم اختيارهم ومبررات الصرف ونوعية الخدمات الاجتماعية التي قدموها
    15. شراء ودعم مؤسسات مصرفيه اجنبيه ودفع الاتاوه لاوروبا وامريكا تحت اسماء شتى مثل العقود الاستشارية الكبرى. والتوكيلات التجارية. والمنح الأجنبية.
    16. ايداع ما تبقى في بنوك سويسرا خدمه للكفار فاين يذهب 12 مليون برميل كإنتاجها اليومي المعلن عنها يوميا في السعوديه فقط
    ولا توجد بيانات إحصائية لإسراف الحكام وفسادهم وما يتسرب قليل من كثير ولكن بهذا القليل يدرك كيفيه التصرق بالمال العام والفرق الكبير بين الحاكم والمحكوم في معيشته وحياته فالأمة منفصلة انفصالا تاما عن الدولة، أي عن حكامها، وأن العلاقة بين جمهرة الناس والحكام علاقة فئتين متباينتين لا علاقة بين رعية ودولة، وفضلا عن ذلك فهي علاقة كره وتضاد وتناقض للشعور باكل حقوقهم وليس فيها أي تقارب ولا ما يشعر بإمكانية التقارب.
    ان الأنظمة الحاكمة في العالم الإسلامي يعتقدون أنهم يملكون الأرض وما عليها وما تحتها وما ينتج عنها، وأن أي قرار بخصوص الاقتصاد هو حق مطلق لهم لا لغيرهم، وأنهم ليسوا عرضة لأي محاسبة أو مساءلة عن قراراتهم الاقتصادية، وأن أي معلومة عن دخل الدول وحفظه وصرفه هي ملك للحكام، إن شاؤوا أعلنوه وإن شاؤوا أخفوه، فهم غير خاضعين لدين ولا لمنطق ولا لمصلحة، فأموال الدولة هي أموالهم لا فرق بين المال العام والمال الخاص لأن الناس وأموالهم ملك لهم. هذا ما يتصرف على أساسه الحكام،
    وسناخذ مثالا لواحده من دول العالم الاسلامي على سبيل المثال ففي عام 2005 مثلاً بلغت عائدات السعودية من صادرات النفط" المال العام" حوالي 220 مليار دولار بعد كل المصاريف، وبلغة الأرقام المجردة ودون احتساب بقية مصادر الدخل الأخرى ، فإن حصة الفرد من عائدات النفط ، كان يجب أن تكون بحدود )120) ألف دولار سنوياً ، وأن أسرة مكونة من أربعة أفراد ستحظى ، بطريقة أو بأخرى على ما يعادل نصف مليون دولار تقريباً.لكن الحقيقة أن هذه الأرقام ليس لها أدنى علاقة بواقع الحال للمسلمين جميعا وهنا نتساءل اين نفط الخليج واين نفط العراق واين نفط مصر ونفط ليبيا واين نفط الجزائر واين نفط ايران والسودان والقائمه تطول 57 دوله وتطول لخيرات وثروات العالم الاسلامي من المعادن وذهب ومرافق ومنتجات الخ ان المال العام ليس ملكاً للحاكم ،بل هو أمانة في يد الأمة ،والأمة يفترض أن تكون وضعته في يد الحاكم وهو في الأصل استخلفه الله بأيدينا حتى يرى كيف نتصرف فيه، لذلك يقول الله سبحانه وتعالى "وأنفقوا مما جعلكم مُستخلفين فيه" فلاحظ قوله تعالى "جعلكم" ولم يقل جعل الحاكم ولا جعله مستخلفاً فيه ،بل قال "جعلكم" ولذلك فالدولة نائب وأمين ووكيل عن الأمة في خدمة هذا المال العام، والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول فيما رواه البخاري: «مَا أُعْطِيكُمْ وَلاَ أَمْنَعُكُمْ، إِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ أَضَعُ حَيْثُ أُمِرْتُ»، وكان عمر رضي الله عنه يحلف ثلاثاً ويقول "والله ما أحد أحق من هذا المال من أحد, وما أنا أحق به من أحد, ووالله لو بقيت لأوتين الراعي بجبل صنعاء حظه من هذا المال وهو يرعى مكانه" رواه أحمد في المسند

    يتبع

    ردحذف
  4. المهندس: موسى عبد الشكور الخليل بيت المقدس25 يوليو 2010 في 3:38 م

    فلا يحل للحاكم ولا أي مسؤول أن يأخذ لنفسه إلا ما يفرضه له الناس بالمعروف، ويكفينا قصة أبي بكر حينما استلم الحكم وكان يريد أن يتاجر ويعيش من كدّ يده ،فقالوا له: ليس لديك من الوقت ما يكفي لكي تتاجر وتعيش من كدّ يدك ،بل لا بد أن يُفرض لك مال ،والصحابة هم الذين فرضوا المال الذي يأخذه ،وانطبق هذا الحكم على عمر وغيره من امراء المؤمنين ،ولذلك كان من أهم أحكام المال العام تحريم الغلول فقال تعالى: "ومن يغلل يأت بما غلّ يوم القيامة" ،والنبي صلى الله عليه وسلم يقول "من استعملناه على عمل فرزقناه رزقاً حسناً فما أخذ بعد ذلك فهو غلول" حديث صحيح. وقال صلى الله عليه وسلم: "من كان لنا عاملاً فلم يكن له زوجة فليكتسب زوجة فإن لم يكن له خادم فليكتسب خادماً فإن لم يكن له مسكن فليكتسب مسكناً، ومن اتخذ غير ذلك فهو غالّ أو سارق" وهو حديث صحيح كذلك. قال صلى الله عليه وسلم: «انه سيفتح لكم مشارق الأرض ومغاربها وان عمالها في النار: الا من اتقى الله، وادي الأمانة»
    وقال رجل لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب (رضي الله عنه): «يا أمير المؤمنين، لو وسعت على نفسك في النفقة من مال الله تعالى؟ فقال له عمر: أتدري ما مثلي ومثل هؤلاء [يعني الرعية] كمثل قوم كانوا في سفر، فجمعوا منهم مالاً وسلموه إلى واحد ينفقه عليهم، فهل يحل لذلك الرجل أن يستأثر عنهم فيأخذ من أموالهم؟» هذا رأي عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) في تمثيل أو تصوير المال العام في يد الحاكم فاين عمر من حكام اليوم حين اتاه مال من البحرين فقال له عمر: (بما جئت؟) قال: (بخمسمائة ألف درهم) فاستكثره عمر وقال: (أتدري ما تقول؟) قال: (نعم مائة ألف خمس مرات) فصعد عمر المنبر وقال: (أيها الناس قد جاءنا مال كثير فإن شئتم كِلنا لكم كيلاً وإن شئتم عددنا لكم عدّاً) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ان أحب الناس إلى الله يوم القيامة وأقربهم منه مجلسا إمام عادل، وان أبغض الناس إلى الله يوم القيامة وأشدهم عذابا إمام جائر»
    يجب تطبيق النظام الإسلامي علينا كمسلمين فهو نظاما محددا واضحا من حيث مصادر الثروة العامة وبيت المال وكذلك وجوه الصرف من خلال نصوص القرآن والسنة، فإن كثيرا من الفرعيات لا يمكن البت فيها برأي الفرد الحاكم ولا بد من الرجوع إلى آراء الفقهاء للاجتهاد ولم يهمل الاسلام النظام لقوه الدوله وسعادة الانسان بل اعطاهما حقهما من التنظيم والضبط لما لهذين العنصرين من أهمية وقد يظن البعض ان دوله الاسلام دوله قديمه لا يوجد بها تشريعات اقتصاديه وحلول لمشاكل العالم الاقتصاديه وغيرها ولكن كيف امتدت الدوله الاسلاميه الى ما وصلت اليه في زمن قياسي وبفائض مالي
    ان الدوله الاسلاميه هي الدوله الوحيده التي تسير اعمالها كلها بالكتاب والسنه تطبق وتحفظ المال العام للمسلمين وتمكن الناس من الاستفاده به وتؤدب من يستغله بغير حق هذه كفاءة النظام الاقتصادي الإسلامي الصالح للتطبيق في كل زمان ومكان والذي يقضي على الفقر في كافه اجزاء العالم الاسلامي وسيحاول الغرب تقليد المسلمين في هذا الامر لانه النموذج العادل لكل البشريه
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يوم من إمام عادل أفضل من عبادة ستين سنة، وحد يقام في الأرض بحقه أزكى فيها من مطر أربعين يوما.

    انتهى

    ردحذف
  5. محمد الحازمي31 مايو 2012 في 11:58 ص

    شكرا يا دكتور على هذه الدراسة القيمة . احب ان اعلق حول موضوع ما يسمى بالاقصاد الراسملي .. هذه التسمية مضللة , الانظمة الاقصادية الغربية قائمة على التطفل المالي فكل يحتال على كيفية ان ينتقل المال من محفظة الاخر الى محفضته و مع مرور الوقت تتشكل حركة النقل هذه فتصبح حركة في اتجاه واحد بين قطبين تتسارع في اتجاه قطب اصحاب المحافظ المتورمة التي تزداد تورما حتى ياتي و قت تنعدم الاموال من محافظ القطب الاخر و يقل عدد افراد القطب الاول و نسميهم " الاثرياء" او " الاعيان" او " السادة و الصفوة" ... و يزداد عدد افراد القطب الآخر و نسميهم في النهاية " المعدمين " او " الفقراء " او " العبيد "و يعتمد هذا النظام الاقتصادي على مفاهيم الدين اليهودي. و حسب هذا المنظور لا يختلف نظام الاقتصاد الشيوعي في الجوهر عن صاحبه الراسمالي .. والاقصاد الاسلامي عكس الاقتصاد اليهودي ..!؟ هذا و الله اعلم.

    ردحذف
  6. الدكتور محمود خالد المسافر22 سبتمبر 2013 في 2:17 ص

    أتفق معك اخي الدكتور محمد

    وهذا يسد الثغرة في توقف تطبيق النظام الأسلامي لفترة تجاوزت المائة عام لكن علم الأقتصاد استمر في تطوره، مما احال الأمر الى بعض المتفيقهين ليقولوا في ان الأقتصاد الأسلامي تخلف عن الأقتصاد الرأسمالي الذي استجاب للتغيرات والتطورات الدولية الأجتماعية والسياسية والاقتصادية.. والصحيح انه لا يوجد اقتصاد اسلامي واقتصاد رأسمالي وانما هناك علم اقتصاد بنظرياته المعلومة وايضا هناك نظام اقتصادي رأسمالي ونظام اقتصادي ريعي او نظام اقتصادي مشاعي وغيرها من انظمة وعلى ذلك فأن النظام ألاقتصادي الاسلامي هو صحيح ما يطلق على ما لدينا

    تحياتي ومزيد من التواصل

    اخوك الدكتور

    محمود خالد المسافر
    استاذ مشارك/ جامعة يونيتين الماليزية

    ردحذف